حيفا ــ فراس خطيبوهذه الحال تقليديّة في النقب. فأهل القرى غير المعترف بها، يقولون إنهم يملكون الأرض ويعيشون عليها، وإنهم موجودون فيها قبل قيام الدولة العبرية، ولديهم مستندات لا تعترف بها المحاكم الإسرائيلية التي تعدّهم «نازحين غير قانونيين» على أرضهم، ويجب إخلاؤهم منها والسيطرة على الأرض. هذا هو الصراع في النقب. أناس يريدون العيش على أرضهم، ومؤسسة تريد أكثر عرباً على أرض أقل. وقال شهود عيان لـ«الأخبار» إنَّ مشهد الإخلاء أمس كان قاسياً، وخصوصاً أنه يأتي للمرة الثانية خلال أسبوع. وأنّ ما بناه الأهالي خلال الأيام القليلة الماضية هدم في لحظات: «القوات التي جلبوها كانت قاسية وتعاملت بهمجيّة كبيرة مع أهل المكان». الصور من العراقيب تبيّن أناساً لا حول لهم ولا قوة سوى أجسادهم مقابل قوات مدجّجة بالسلاح في مكان يشبه القرية.
واندلعت المواجهات التي أدّت إلى اعتقال عدد من الأهالي وإصابة 5 مواطنين بجروح، بينهم عضو الكنيست العربي طلب الصانع، بعدما أخرجه أفراد الشرطة بالقوة من أحد المنازل.
المشهد بدأ يهدأ بعد «إتمام المهمة» وهدم ما يقارب الـ 20 بيتاً، لتظل القرية التي تعاني فقراً في كل شيء، حطاماً تحت حراراة الشمس المحرقة في النقب. ليُعلَن نهايةً أنّ «تكاليف الهدم» سيدفعها الأهل الذين يملكون بيوتاً من الصفيح.
واستنكرت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الممارسات الإسرائيلية في النقب. ورأت أن «العناد الإسرائيلي والإصرار على الهدم أمر خطير يتطلب توحيد الصف العربي في سبيل التصدي لهذه السياسة الهمجية»، مؤكّدةً «استمرار المؤسسة الإسرائيلية في سياسة هدم البيوت في النقب وغيره، ولن يثنيها شيء عن إعادة البناء وعن اتخاذ خطوات عملية أخرى، حتى تكفّ المؤسسة الإسرائيلية عن اقتراف العمليات التخريبيّة».
وفي تعقيبه، قال رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، إبراهيم الوقيلي، إنّ الهجمة على القرى العربية تحتاج إلى تدخل مؤسسات حقوق الإنسان على المستوى الدولي، علماً أنّ لجنة المتابعة ستتوجه إلى مؤسسات حقوقية على المستوى الدولي، لردع إسرائيل عن أعمالها. ورأى أنّ ما تقوم به إسرائيل ضد السكان العرب، وخصوصاً في القرى غير المعترف بها «عمل بحاجة إلى إدانة دولية، ويجب تقديم شكوى إلى مؤسسات أممية متخصصة في حقوق الإنسان».
وتسعى السلطات الإسرائيلية إلى إخلاء السكان من هذه القرى وتجميعهم في بلدات تسعى إلى إقامتها والاستيلاء على أراضي القرى غير المعترف بها، وهو ما يرفضه المواطنون البدو.