strong>وزارة الاقتصاد ممنوعة من الوصول إلى أسعار الاستيرادكالعادة، يقترب شهر رمضان فتبدأ تباشير رفع أسعار الخُضَر والمواد الغذائية والفاكهة من دون مبررات فعلية، باستثناء بعض السلع التي تخضع للحماية. وفي المقابل لا تقوم وزارة الاقتصاد بمراقبة الأسعار فعلياً بعدما تم تجريدها من أصول هذه المهمة خلال العهود المتعاقبة، إذ مُنعت من الحصول على أسعار الاستيراد لمقارنتها بأسعار التجزئة

محمد وهبة
كلما اقترب شهر رمضان، تبدأ أسعار الخُضَر والفاكهة واللحوم والحلويات وبعض المواد الأساسية في المطبخ اللبناني، بالارتفاع ارتفاعاً قياسياً حتى تبلغ قمّتها في الأيام الأولى لهذا الشهر حين يزداد الطلب الاستهلاكي على هذه الأصناف التي تمثّل أحد أبرز مكوّنات سفرة الإفطار.

المنع من المراقبة

كلفة صحن الفتوش ارتفعت بنسبة 24.8% إلى 924 ليرة
السوق على هذه الحال سنوياً، متروكة لرغبات التاجر الجشع وقصور وزارة الاقتصاد والتجارة عن تأدية أي دور في السوق لأسباب كثيرة، منها إلغاء تحديد هوامش الأرباح خلال ولاية الوزير السابق سامي حداد، على أساس أن العرض والطلب سيحققان المنافسة المطلوبة لتأخذ الأسعار مستواها الفعلي، وعندما حاول الوزير محمد الصفدي إعادة العمل بالهوامش، استحصل التجار على قرار من مجلس شورى الدولة بوقف التنفيذ. فأُهمل الأمر وباتت الأسواق مباحة لـ«العرض والطلب»... ولم تعد وزارة الاقتصاد تراقب الأسعار أو تتحقق من المبالغة في تحديدها، ورضخت لما أُقرّ في العهود السابقة، إذ تقول مصادر في الوزارة إن المكتب الفني لسياسة الأسعار مُنع من الحصول على أسعار الاستيراد من الجمارك، ولم يعد بإمكانه مقارنة أسعار المبيع بأسعار الاستيراد إلا سرّاً، وكان وراء هذا القرار كبار المحتكرين.
وبالتالي، لم تعد مراقبة الأسعار من المهمّات الأساسية لوزارة الاقتصاد والتجارة إلا من باب «النزوات» وللاستهلاك الإعلامي فقط، فما يؤكده التجار أنهم لم يسمعوا منذ فترة طويلة بأي إجراء أو تدبير يُحافظ على السعر الحقيقي للسلع الغذائية الأساسية، ويمنع انتفاخها من دون مبررات فعلية، لا خلال شهر رمضان ولا قبله أو بعده.
وتقول مصادر الوزارة إن مديرية حماية المستهلك في الوزارة لن تقوم بأي إجراء استثنائي لمراقبة الأسعار، وستعمد فقط إلى تكثيف دورياتها لأن «الأسعار مرتبطة بالعرض والطلب وهي ترتفع أو تنخفض تبعاً لحركة السوق الحرّة، وهذا هو سبب ارتفاع الأسعار في الفترة الأولى من شهر رمضان، إذ يرتفع الطلب على استهلاك المواد الغذائية من خُضَر وفاكهة ولحوم وحبوب وحلويات...». لكن المدير العام لوزارة الزراعة سمير الشامي قال لـ«الأخبار» إن بعض أنواع السلع التي تستهلك في رمضان ترتفع أسعارها من دون أي مبررات واقعية، ويمكن تبرير ارتفاع أسعار بعضها الآخر، إلا أنه لا يمكن تبرير نسب الارتفاع الكبيرة، فأسعار الحشائش (فجل، نعناع، خس، بقدونس، بصل أخضر...) يجب ألا ترتفع بسبب زيادة الطلب، إذ إن هذه الزيادة يمكن تلبيتها بسرعة عبر «الخطوط المفتوحة في هذا المجال مع سوريا، والبضاعة غالباً ما تأتي من هناك في أوقات ذروة الطلب».

أسباب الارتفاع

ويشير الشامي إلى بعض السلع التي يُتوقع ارتفاع أسعارها لأسباب يكون العامل الرئيسي فيها ليس العرض والطلب، بل أسباباً بنيوية، فالبطاطا مثلاً تخضع للروزنامة الزراعية وبالتالي فإن البضاعة الموجودة اليوم في السوق هي المنتجة محلياً والمحمية بالروزنامة التي تمنع استيراد سلع مماثلة خلال فترة ذروة الإنتاج المحلّي، ولذلك فإن سعر كيلوغرام البطاطا يبلغ اليوم في الحقل 700 ليرة كحدّ أقصى، ويصل سعره إلى المستهلك اليوم بألف ليرة، وبالتالي قد يرتفع السعر في شهر رمضان إلى أكثر من 1500 ليرة بسبب ارتفاع الطلب.
ومن أبرز الخُضر المستهلكة في رمضان، والتي يتوقع ارتفاع سعرها، الليمون الحامض، والسبب أن موسم القطاف لا يزال في بدايته. والمعروف أن السعر في هذه الفترة يكون مرتفعاً نسبياً، وبالتالي فإن زيادة الطلب عليه في رمضان، لكونه عنصراً أساسياً في صحن الفتوش الذي يستهلكه الصائمون يومياً في هذا الشهر، ستؤدي إلى تجاوز سعر الكيلوغرام منه نحو 1500 ليرة.
ويُعدّ سعر الكيلوغرام الواحد من الخيار رخيصاً نسبياً، إذ يباع اليوم بسعر ألف ليرة، ولا يجب أن يرتفع سعره لأن الموسم في ذروته اليوم وكميات الإنتاج الحالية كبيرة. وفي المقابل، فإن سعر الكيلوغرام الواحد من البندورة يعدّ مرتفعاً نسبياً في هذه الفترة، وبالتالي يتوقع ارتفاعه من 1500 ليرة حالياً إلى أكثر من ألفي ليرة.
وتقول مصادر وزارة الاقتصاد إن سعر مبيع لحم الغنم يرتفع باطّراد، وهذا يمثّل مشكلة جدّية، إذ من المتوقّع أن يحلّق سعر هذا النوع من اللحوم خلال شهر رمضان، إلا أن الشامي يدحض ذلك عبر إشارته إلى أن اللحوم موجودة بكميات كبيرة في السوق، ابتداءً بالطازجة وصولاً إلى المبردة والمجلدة، وأي رفع لأسعارها سيكون بمثابة استغلال للطلب لا نتيجة ضعف العرض.

صحن الفتوش

وكمؤشر أساسي على ارتفاع الأسعار، أجرت «الأخبار» مقارنة في الأسعار الحالية لبعض السلع المكوّنة لصحن الفتوش مع تلك المسجّلة قبل أيام من رمضان 2008، فتبيّن لها أن نسبة زيادة كلفة صحن الفتوش بلغت 24.8%، إذ كان يبلغ 740 ليرة وأصبح 924 ليرة بزيادة 184 ليرة لكل صحن، وذلك وفقاً لمقادير منطقية كالآتي: 70 غرام بندورة، 50 غرام خيار، 50 غرام حامض، 10 غرامات ثوم، 15 غرام بصل، 60 غرام خس، 20 غرام فجل، 30 غرام بقدونس، 20 غرام بقلة، 10 غرامات نعناع، 30 غرام زيت زيتون، 30 غرام خبز، 5 غرامات سمّاق، 5 غرامات ملح.
وقد ازدادت أسعار هذه السلع بين آب 2008 وآب 2009 كالآتي: ارتفع سعر الخس بنسبة 212% إلى 1250 ليرة، وسعر ضمة البقدونس بنسبة 16.6% إلى 350 ليرة، وسعر كيلو البندورة بنسبة 66.6% إلى 1500 ليرة، وسعر باقة البصل الأخضر بنسبة 78% إلى 1250 ليرة، وسعر باقة البقلة بنسبة 40% إلى 350 ليرة، وسعر باقة النعناع بنسبة 100% إلى 500 ليرة، وسعر باقة الفجل بنسبة 80% إلى 450 ليرة، وسعر كيلو الثوم بنسبة 32.3% إلى 2250 ليرة وسعر كيلو زيت الزيتون من 6.6 دولارات إلى 8.7 دولارات، فيما استقر سعر كيلو الخيار على ألف ليرة وسعر كيلو الملح على 300 ليرة وسعر ربطة الخبز 1120 غراماً على 1500 ليرة، وتراجع سعر كيلو الحامض 150% من 3500 ليرة إلى 1250 ليرة.


5200 ليرة

هو سعر الفروج في مدينة بيروت، بحسب مسح لجمعية المستهلك في لبنان. وتبيّن لها أيضاً أن سعر كيلوغرام الصدر المسحّب 9380 ليرة والأفخاذ 4725 ليرة، فيما يبلغ كيلواغرام لحم البقر 14 ألف ليرة، أما الغنم فسعره 30 ألفاً


الاستهلاك لم يزد صيفاً