بالنسبة إلى غالبية الجهات الضامنة الرسمية فإن أزمة التعرفات الاستشفائية انتهت بعدما أقر مجلس الوزراء خطة الوزير خليفة، إلا أنه في صندوق الضمان من يقول إن تنفيذها يتطلب تعديلات في أنظمته، وبالتالي فإن تطبيقها يعدّ مخالفة
محمد وهبة
يعتقد وزير الصحة محمد خليفة أن ما تردّد عن أن إحدى الجهات الضامنة الرسميّة لن تنفّذ القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بشأن توحيد تعرفة الأعمال والخدمات الطبية وتطبيق نظام البدل المقطوع، «هو أمر صبياني»، إذ يجب على كل المؤسسات الضامنة الرسمية تنفيذ القرار، إلا أن مسؤولين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأعضاءً في مجلس إدارته أكدوا لـ«الأخبار» أنه لا يمكن الصندوق تنفيذ أي قرار مخالف لقوانينه وأنظمته إلا بعد تعديلها لتصبح منسجمة قانونياً وهذا ينطبق على بنود القرار. وبالتالي تنتقل أزمة التعرفات الاستشفائية من أزمة بين المؤسسات الضامنة والمستشفيات إلى أزمة صلاحيات بين وزارة الصحة ومجلس إدارة صندوق الضمان وبعض الجهات المسؤولة فيه.
وكان مجلس الوزراء قد وافق في جلسته الأخيرة على كتاب خليفة رقم 1793 المستند إلى المرسوم 980/2007 الذي يتضمن تفعيل العمل بالمرسوم 980 الذي يؤلّف لجنة لدراسة توحيد التعرفات الاستشفائية، واعتماد تصنيف وزارة الصحة العامة للمستشفيات أساساً لاحتساب التعرفة لكل مستشفى، وذلك استناداً إلى نظام المعايير والجودة المطبّق في الوزارة.
ويشير القرار إلى توحيد العقود بين الجهات الضامنة الحكومية من جهة، والمؤسسات الاستشفائية من جهة أخرى، استناداً إلى درجة وزارة الصحة العامة والضمان الاجتماعي من ناحية الأسعار والمعايير الاستشفائية والطبية، على أن تترك تعرفات الدرجة (أولى، ثانية) كتدبير داخلي لكل جهة ضامنة إذا ما أرادت ذلك بناءً على زيادة الفاتورة الاستشفائية بنسبة معينة.
ويفرض القرار تطبيق مبدأ فصل أتعاب الأطباء على جميع الجهات الضامنة من دون استثناء «ويمكن الاستعانة ببرامج المعلوماتية المتوافرة في وزارة الصحة العامة»، موضحاً أنه يجب اعتماد جدول موحّد للأعمال الطبية يعتمده حالياً صندوق الضمان. وينص القرار على اعتبار «جميع العقود لأي مؤسسة استشفائية ملغاة حكماً مع جميع الجهات الضامنة، إذا ما قررت وزارة الصحة ذلك، بناءً على أي مخالفة ترتكبها المؤسسة على صعيد العقود والأداء الطبي والاستشفائي»، مذكّراً المستشفيات «بعدم رفض علاج أي حالة طارئة تهدّد حياة المريض بغض النظر عن التغطية الاستشفائية لهذا المريض»، محمّلاً إياها «جميع التبعات القانونية»، وحدد القرار التعرفات الاستشفائية الطبية كالآتي:
ــ تعتمد قيمة التعرفة (K VALUE) = 6500 ليرة وتطبق على جميع الأعمال الطبية المقطوعة وغير المقطوعة.
ـــ اعتماد قيمة اليدل المقطوع للعمليات الجراحية وفق دراسة البنك الدولي والمطبّقة حالياً لدرجة وزارة الصحة مع مراعاة الأحكام العامة.
ــ اعتماد تعرفة الإقامة في الغرفة العادية بقيمة 70 ألف ليرة لدرجة وزارة الصحة العامة والضمان الاجتماعي، و270 ليرة للمختبر، و445 ليرة للأشعة، على أن يعمل بتعرفات خاصة مع المستشفيات الجامعية للحالات الطبية المتخصصة، بما هو قائم، وتعديله بعد موافقة وزارة الصحة.
وكلّف القرار اللجنة المؤلفة بموجب المرسوم 980 رفع تقارير دورية لوزير الصحة العامة بهدف توضيح التداعيات المالية المترتبة عن كل جهة ضامنة لهذا القرار لترفع إلى وزير المال من أجل تأمين الموارد اللازمة، وشطب أو زيادة أو تعديل أي رموز طبية وجراحية مقترحة، والنظر بالمستلزمات الطبية المستعملة من حيث النوعية والأسعار، والعمل على توسيع قاعدة البدل المقطوع للأعمال الجراحية والطبية بمساعدة الموارد المتوافرة من البنك الدولي. فضلاً عن مواكبة المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالقطاع الصحي والعمل على اعتمام نظام معلوماتية طبي وصحي موحد، معتبراً أن هذه التدابير ملزمة لجميع المؤسسات الضامنة العامة.
ويقول مسؤول في الضمان إن الجهات الضامنة الرسمية تختلف عن الصندوق بكونها تخضع للموازنة العامة، وبالتالي فإن زيادة التعرفات يجري تمويلها عبر زيادة موازناتها بواسطة سلطة الوصاية عليها، إلا أن الضمان محكوم بالتوازن المالي المبني على الواردات والاشتراكات منذ إنشائه، وبالتالي فإن أي زيادة في الإنفاق ستؤدي حكماً إلى زيادة في الاشتراكات لتحقيق هذا التوازن بناءً على المادة 66 من قانون الضمان. ويأخذ بعض أعضاء مجلس إدارة الصندوق على القرار الذي استصدره خليفة أنه بُنيَ على «مرسوم نافذ حكماً رقمه 980 صدر في تشرين الثاني من عام 2007، إلا أن خليفة لم يدعُ اللجنة المؤلفة بهذا المرسوم إلى الانعقاد ولا لمرة واحدة!»، ويعتقد المسؤول أن خليفة وجه كلاماً ناعماً للمستشفيات عبر «تذكيرها بعدم رفض علاج أي حالة طارئة... من دون أن يمنعها من وقف استقبال المرضى». لافتاً إلى أن تنفيذ البنود المتصلة بالتعرفات والعقود مع المستشفيات يحتاج إلى تعديل في أنظمة الضمان وهذا يتطلب تشريعاً في مجلس النواب، وبالتالي فإن تطبيقها مخالفة يحاسب عليها ديوان المحاسبة، مستغرباً لماذا لم ترفع إدارة الصندوق إلى مجلس الإدارة توصيات اللجنة الاستشارية الطبية العليا التي درست التعرفات بين الضمان والمستشفيات؟ وكيف استجاب المدير العام للصندوق للضغوط المطالبة بإبقائها في الجارور منذ شهرين؟