strong> يحيى دبوق نعت صحيفة «هآرتس»، أمس، النتائج العسكرية والسياسية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ورأت أن «الواقع الأمني الجديد»، كهدف معلن للعدوان، يسقط مع الصواريخ الفلسطينية المتساقطة يومياً على المستوطنات، في الوقت الذي أصبح فيه حكم «حماس» في قطاع غزة شرعيّاً.
وكتب مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية، عاموس هرئيل، أن «آخر ثلاثة صواريخ سقطت على مستوطنات غلاف غزة، تذكّر إسرائيل بأنها لا تزال بعيدة عن تحقيق هدفها المعلن لحملتها العسكرية على القطاع قبل شهرين، فبعد أربعين يوماً من نهاية الهجوم الإسرائيلي، لم تستقر الأمور على واقع أمني جديد ومحسّن»، مضيفاً إن «الخشية تتعاظم من إمكان ذوبان الإنجازات العسكرية واستئناف القتال، وبالتالي قد نتذكر أحداث الشهر الماضي كجولة أخرى، غير ناجحة على وجه الخصوص، في الحرب الطويلة والمستمرة على غزة».
ونقل المراسل أجواء قيادة الجيش الإسرائيلي، التي شدّد على أنها تعيش «واقعاً محبطاً على نحو خاص، لأن التوقع كان أكثر تفاؤلاً بكثير قبل أربعين يوماً، في اللحظة التي خرج الجيش من غزة بإحساس أنه أثبت نفسه في اختبار ترميم قدرته المتردية التي ظهرت في لبنان عام 2006، لكن يبدو أن النتيجة النهائية تتطلب وقتاً إضافياً، وانتظاراً». وأشار إلى «إمكان اتهام السياسيين، بأنهم وراء عدم تحقيق النتائج، وكالعادة، هم لم يترجموا الإنجازات التي وفّرها الجيش في الميدان إلى نجاحات وتسوية سياسية ملزمة، إذ لا شك أن هناك نقصاً في الربط بين الخطوة العسكرية والسياسية، لكن أيضاً جرى سحب (وزير الدفاع) ايهود باراك، الذي يتفنّن في تحليل حرب لبنان الثانية وشوائبها، خلف رفيقيه في الثلاثية، (رئيس الحكومة) ايهود اولمرت و(وزيرة الخارجية) تسيبي ليفني، الأمر الذي أدى إلى الانسحاب من غزة من دون تسوية حقيقية».
وبحسب المراسل، فإن «الخصم في غزة (حركة حماس)، كان أقل تصميماً من الخصم في لبنان وتفادى المواجهات، الأمر الذي أظهر الخطوات الإسرائيلية كانتصار كبير، لكن عندما خرج الجيش الإسرائيلي (من قطاع غزة)، تبين أن النتائج كانت محدودة، والانطباع انجلى في الأسبوع الأول، مع تنقيط صواريخ القسام على إسرائيل، على أنها حوادث شبه يومية، وأيضاً مع التقارير الاستخبارية التي تتحدث عن استئناف تهريب السلاح» إلى قطاع غزة.
وأورد هرئيل ملاحظتين رأى أن على الجيش الإسرائيلي الاهتمام بهما: «الأولى، محظور على الجيش أن يخطئ بالنسبة إلى الجولة المقبلة، سواء جرت في غزة أو في لبنان، لأن الأمر سيكون أكثر صعوبة في المرة المقبلة، ذلك أن حماس ستستخلص الاستنتاجات من أخطائها بسرعة. وثانياً أن الجيش يمتنع عن البحث المعمق في ما يتعلق بالمشاكل الأخلاقية التي أثارها القتال في المناطق المبنية وقتل مدنيين وهدم منازل، وإذا لم يتحدد المسموح به والممنوع، فإن هذه الظواهر ستتكرر في المرات المقبلة أيضاً».
من جهته، كتب المراسل السياسي للصحيفة نفسها، الوف بن، عن النتائج السياسية لـ«الحملة العسكرية» على قطاع غزة، ورأى أن إسرائيل تحوّلت أمام الرأي العام العالمي، خلال العملية «التي لم تكن قصيرة»، من «مصابة بالإرهاب إلى دولة محتلة وعنيفة».
وكتب المراسل عن «القائمة الجزئية للضرر السياسي الذي لحق بإسرائيل»، مشيراً إلى أن «العلاقات مع تركيا تلقت ضربة، وأوقفت سوريا المفاوضات غير المباشرة التي أدراتها مع إسرائيل بوساطة تركية، كما أن مصر أُهينت من الطريقة التي عرقل بها أولمرت اتفاق التهدئة، إضافة إلى أن بوليفيا وفنزويلا قطعتا العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل».
ورغم تشديد المراسل على قيمة هذه الأضرار، فإنّه شدد على أنها مشاكل صغيرة قياساً بـ«الضرر الأساسي الذي أنتجته الحملة (العسكرية)، ذلك أنها أعطت حركة حماس الشرعية كحاكم في القطاع، وشجّعت محادثات المصالحة الفلسطينية التي ستعيد حماس إلى القيادة الفلسطينية، فإسرائيل التي أرادت عزل المنظمة الإسلامية وإسقاطها تتعرض الآن لضغوط شديدة لفتح المعابر ورفع الحصار عن غزة».
وخلص بن إلى أن «الحملة خططت كي تنتهي في فترة ولاية الرئيس «الودود» جورج بوش، قبل لحظة من دخول (الرئيس الأميركي) باراك أوباما البيت الأبيض، وكان التوقيت مثالياً، أما النتيجة، فأقل من ذلك، وبدلاً من أن تأتي وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للبحث في صد التهديد الإيراني، فإن زيارتها الأولى ستتركّز على مساعدة الفلسطينيين في غزة، ولعل هذا هو الضرر الأكبر الذي وقع» نتيجةً لعملية «الرصاص المصهور».