هيئة التنسيق تطلق معركة مفتوحة دفاعاً عن المكتسباتفاتن الحاج
دخلت هيئة التنسيق النقابية معركة مفتوحة مع السلطة، تبدأ بالاعتصام ولا تنتهي بمحاسبة النواب وعدم التصويت لهم في الانتخابات النيايبة، مراهنة على الوحدة النقابية في وجه انتهاك الحقوق المكتسبة. وفي وقت نفذت فيه الهيئة أكبر إضراب تربوي من أقاصي عكار إلى الناقورة واعتصام تجاوز الرمزية رغم غياب التوافق السياسي، سارع بعض المسؤولين السياسيين إلى التبني الكلامي لمطالب القطاعات التربوية «لكونها لا تحتمل المماطلة والتسويف»، من دون تحديد آليات قانونية لمتابعة المطالب المحددة. فوزير الاقتصاد والتجارة، محمد الصفدي، اكتفى بالدعوة إلى «التعاطي بجدية أكبر مع هذه القضية، وأن تضع الدولة جدولاً زمنياً تلتزمه لتنفيذ المطالب حسب الأولويات».

الحريري تستفيق فجأةً

وفي الوقت الذي بقي أكثر من مليون طالب وطالبة في منازلهم... كان الشغل الشاغل لوزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري محاولة العمل على تقويض التحرّك واحتواء نتائجه على قاعدة «أننا نعالج أمورنا بالتواصل لا بالسلبية». وأكدت ببساطة «أنّ المطالب واضحة، ومنها ما أخذ طريقه الطبيعي نحو الحل القانوني في مجلس النواب» من دون أن تغفل الحديث عن تعزيز الحوافز ومشاريع التقاعد المبكر عبر الاستفادة من الخبرات الفرنسية.
وعلى الرغم من أن الحريري لم تعلن استعدادها للاجتماع مع الهيئة إلا قبل يوم واحد من الإضراب، فهي أعلنت أمس أمام وفد من هذه الهيئة أنّها اتفقت مع وزير المال ودائرة المحاسبة في التربية على العمل لاحتساب الأكلاف في ما يخص بدل النقل وربط الدرجة بالراتب والحفاظ على قيمتها (5%)، واعدة بالدفاع عنها في مجلس الوزراء، وهو صاحب القرار، كما قالت.
لكن هيئة التنسيق طالبت بترجمة هذه الالتزامات الوزارية في الأيام القليلة المقبلة، ملوّحة بالمضي في تصعيد تحركها إضراباً واعتصاماً وتظاهراً، على أن تحدّد الخطوات التفصيلية في اجتماع تعقده، الخامسة من بعد ظهر الثلاثاء المقبل، في مقر رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية. وبما أنّ هناك إجماعاً تربوياً ونقابياً على مطالب المعلمين، فإنّ الهيئة دعت المسؤولين في الحكومة والمجلس النيابي إلى الإسراع في تحقيق المطالب، حرصاً على سلامة العام الدراسي الحالي، وإنصافاً لشريحة حملت على أكتافها مسيرة تربية الأجيال الناشئة.

الاعتصام الحاشد

وبالعودة إلى الاعتصام الحاشد أمام مجلس النواب، فقد كانت القوى الأمنية تنتظر قدوم المعلمين بعدما اختارت لهم سلفاً مكان الاعتصام على المقلب الآخر من ساحة رياض الصلح. لكن المكان استفز المعتصمين، فهم لم يقرروا التجمع أمام السرايا الحكومية، وصرختهم يجب أن تدوّي في المجلس النيابي. هنا يهمس أحد الأساتذة: «لو بدّن ينزلونا ما كبّروا الحواجز». وتبدأ في هذه الأثناء مفاوضات مع الضابط تنتهي بإصرار المعلمين على اقتحام الحاجز الحديدي والدخول بهدوء إلى المنطقة «المحظورة». هناك يصطدم المعتصمون بالحواجز مجدداً، فيستقر الاعتصام أمام وزارة المال. وفيما راح موظفو الوزارة يسترقون النظر إلى المعلمين من الشرفات، ارتفعت صيحات المعتصمين مع اعتلاء رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب المنبر محيياً إياهم لوحدتهم النقابية ووقفتهم الجريئة ضد القرار الجائر المتمثل بالزيادة الهزيلة على الأجور في محاولة لضرب الحقوق المكتسبة تمهيداً لإلغائها.

المحاسبة في الانتخابات

وقال غريب: «جئتم من كل لبنان ولكل لبنان، رافعين علم وحدتكم الوطنية، وما هيئة التنسيق سوى صوت ضمير الفقراء ومعاناتهم من جراء الأزمة المعيشية الخانقة». أما القرار فلن يمر (كما قال)، ما دمنا في المعركة المفتوحة لصون الحقوق وهي خط أحمر»، محذراً من «أننا سوف نحاسب ولن نصوّت في الانتخابات النيابية لأي مرشح يقف ضدنا». ودعا غريب ممثلي الشعب إلى رفع الظلامة عن شعبهم لحماية دولة الرعاية الاجتماعية. وختم مهدداً بأن لا مساومة أو حلول وسطى في مقاومة بدعة المبلغ المقطوع.
من جهته، جدد رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، حميد الحكم، تأكيده أنّ قرار الحكومة الأخير بتصحيح الرواتب والأجور يتناقض مع جميع الدراسات والتشريعات، ويضرب الاستقرار المهني والاجتماعي للمعلمين والموظفين، فمرسوم زيادة الحد الأدنى للأجور لم يترافق مع الزيادة المناسبة على البدلات، مشيراً إلى أنّ الهيئة وجدت نفسها مضطرة لإيصال الصوت بعد اعتصامين لم يحركا ساكناً لدى الحكومة للعودة عن قرارها.
وأعلنت رئيسة رابطة المعلمين الرسميين في بيروت عايدة الخطيب الإصرار على تحقيق المطالب في ظل حكومة الوحدة الوطنية، حتى لو اضطررنا للنزول كل يوم إلى الشارع. أما نقيب المعلمين نعمة محفوض فرأى «أنّ الالتزام الشامل بالإضراب دليل على نجاح حركة الموظفين الأكثر انتاجاً في البلد». وقال للأهالي والطلاب: «ما فينا نفوت على الصفوف ونعلّم ولاد الناس ونحنا ولادنا مش شبعانين». محمد قدوح من رابطة متخرجي ومتدربي معهد الإدارة والتدريب شدد على أنّ الإدارة العامة شريك أساسي في التحرك وهي المسافة المشتركة التي يقف حولها اللبنانيون، لافتاً إلى «أننا رواد إصلاح، لكننا نطالب برواتب تحفظ كرامة الموظفين». ووصف رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني الرسمي جورج قالوش الإضراب بالمقدس وأكبر دليل على القرارات الخاطئة.

الناجحون في مباراة التعليم

وحضر أيضاً إلى الاعتصام الناجحون الفائضون في مباراة مجلس الخدمة المدنية للدخول إلى ملاك التعليم الثانوي، فطالب، محمد حسين باسمهم، «بحقنا بالتعيين من أجل سدّ الحاجات وملء الشواغر في هذا الملاك،أسوةً بزملائنا الذين سيُعيَّنون هذا العام، وقبل انتهاء المهلة القانونية (سنتان)، ولا سيما أنّ القانون يُعطي لنا المشروعية بالمطالبة بذلك، فضلاً عن حاجتنا إلى تأمين موارد عيشنا ومنع هجرتنا إلى الخارج».


75 في المئة

هي نسبة التعويض العائلي من الحد الأدنى للأجور. وقد أبلغت الوزيرة بهية الحريري هيئة التنسيق أنّها تنتظر، في هذا الشأن، وزير العمل محمد فنيش لإعداد بيان مالي بشأن كلفة رفع هذا التعويض، فيما يبقى القرار بيد مجلس الوزراء، كما قالت.


تجميد التدرّج بدعة