strong>يحيى دبوق
أشكينازي ينتقد مهاجمة التقرير للجيش كله ويخشى انعكاسه علـى الجنود

وصف ضابط إسرائيلي رفيع المستوى، أمس، تداعيات تقرير فينوغراد على الجيش بأنها «ليست أقل من زلزال»، مشيراً إلى أن «أعضاء اللجنة يدركون جيداً ما الذي يربك الجيش، إذ يلزمنا ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام كي نصلح الأضرار التي لحقت بالجيش بموجب الحرب، إضافة الى الانطباع (السلبي) الذي خلفه التقرير نفسه، لدى الجمهور» الإسرائيلي.
وأضاف الضابط، لصحيفة «هآرتس»، أن «علينا العمل كثيراً، رغم أن جزءاً من الخلل قد تم إصلاحه منذ انتهاء الحرب، لكن التقرير يشير إلى وجوب إجراء تغييرات كثيرة». وأضاف أن «رئيس أركان الجيش غابي اشكينازي يولي مسألة الإصلاح اهتماماً كبيراً، وهو يعمل على ذلك بشكل مركّز، منذ توليه منصبه في شباط الماضي».
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلي قد أعربت أمس، عن مخاوفها حيال التأثيرات السلبية الممكنة لتقرير فينوغراد على معنويات الجيش الإسرائيلي، وخصوصاً ما ورد فيه من عبارات شديدة اللهجة طاولت المؤسسة العسكرية برمّتها لا أشخاصاً في قيادة الأركان.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، عن محافل عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها إنه «لم يكن هناك شيء مفاجئ في التقرير، لكن اللهجة والشدة اللتين برزتا فيه، فاجأتا الكثيرين في المؤسسة العسكرية»، مشيرة إلى خشية هذه المحافل من أن «يؤدي تقرير فينوغراد إلى شلل في المؤسسة العسكرية، ابتداء من المستويات القيادية العليا وصولًا إلى الرتب المتدنية»، التي حذرت من «إمكان أن يؤدي التقرير إلى انتهاج الضباط سياسة اختيار الطرق السهلة وعدم الإقدام على القيام بمبادرات أو اتخاذ قرارات، خشية أن يتضرروا في المستقبل».
وأضافت الصحيفة أنهم «في الجيش الإسرائيلي يخشون من أن يؤثر التقرير على الاندفاع لدى ضباط ممتازين، هم الآن في مرحلة الحسم والتقرير في ما إذا كانوا سيواصلون الخدمة الدائمة ويربطون مصيرهم بالجيش أو يتحولون إلى السلك المدني، ذلك أن الجيش بعد الحرب كان في درك أسفل غير مسبوق لجهة صورته، وحاول منذ انتهاء الحرب تحسين هذه الصورة تدريجاً، إلا أن تقرير فينوغراد أعاده مرة أخرى إلى الوراء، وأضر كثيراً بصورة الجيش».
وأشارت الصحيفة إلى أن «ما كان يربط ويبقي عدداً ملحوظاً من الضباط (في الاحتياط) في الجيش، من رتبة نقيب ورائد، ممن لم يتحولوا بعد إلى الخدمة النظامية، هو التقدير الذي يحظون به».
وقالت الصحيفة نفسها إن اشكينازي «عرف مسبقاً، قبل أسبوعين أو ثلاثة، بوجود فصل في تقرير فينوغراد ينتقد بشدة الجيش الإسرائيلي، لكنه كان يفضّل أن يهاجم التقرير مسؤولين كباراً في الجيش شخصياً، وعدم مهاجمة الجيش بأسره»، مشيرة إلى أن «أشكينازي قلقٌ من تأثير التقرير على ثقة الجنود وقادتهم بأنفسهم، وعلى ثقتهم بالمؤسسة ومن يقف على رأسها، ويرى أن الأشخاص الجيدين يبقون في صفوف الجيش النظامي عندما يحترم من يحيط بهم الجيش ومن يخدم فيه».
وقالت صحيفة «هآرتس» إن المدعي العام العسكري الرئيسي، العميد افيحي مندلبليت، أكد بعد قراءة التقرير النهائي، أن «لا نتائج فيه أو استنتاجات تلزم المس بترقية أو بمواصلة خدمة أي من الضباط المتورطين في الحرب»، رغم تأكيد مصادر عسكرية كبيرة للصحيفة أن «الأمر لا يتعلق بتنبيه قيادي، بل بلجنة حكومية، والأشياء التي تقولها سيؤخذ بها في المستقبل، في قرارات ترقية الضباط ممن تقع عليهم مسؤولية الخلل».
وأضافت صحيفة «يديعوت احرونوت» أن «قراءة التقرير تشير إلى وجود مشاكل كبيرة جداً في وضع الجيش والمجتمع الإسرائيلي عموماً، وهي أقوى من أي انتقادات شخصية قد توجه إلى هذا الجنرال أو ذاك، لكن لم يكتب بتاتاً في تقرير رسمي كلام أكثر إيلام حول الجيش الإسرائيلي في أكثر الأيام إرباكا في مطلع الخمسينيات».
وعن صورة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لدى الجمهور الإسرائيلي بعد نشر التقرير، أشارت الصحيفة إلى أن «الأمر الذي يسبب مشاعر الكآبة أكثر من أي أمر آخر، هو القول إن الجيش الإسرائيلي لم ينجح في المهمة الملقاة على عاتقه»، مضيفة أن «الجمهور الإسرائيلي لا يعير اهتماماً إن سمع أن قادته السياسيين فاسدون، وهو على استعداد أن يسمع أن العمليات العسكرية التي جلبت الموت للجنود، قد تمت انطلاقاً من دوافع سياسية أو مصالح شخصية، لكنه غير مستعد أن يسمع أن جيشه ليس ذلك الجيش الرائع الذي ظننّاه، ذلك الجيش الأفضل في الشرق الأوسط إن لم يكن في العالم كله، الجيش الذي نجح في قلب الإناء على من فيه أكثر من مرة وحقق إنجازات وصلت إلى مستوى الأعجوبة. لكننا في أعماقنا نعرف أن هناك مشكلة، وندرك أن الجيش أخفق إلى حدّ كبير ومزرٍ، بل إن رئيس الوزراء إيهود أولمرت يعرف ذلك، ووزير الدفاع إيهود باراك أيضاً، لكنهما لا يستطيعان قوله».
وقالت «يديعوت أحرونوت» إن «الجيش الإسرائيلي كان ينوي إقامة ندوة دراسية عن حرب لبنان لمدة يومين في كلية القيادة والأركان، وتقرر موعد الندوة في وقت سابق لنشر تقرير فينوغراد، لكن نشر التقرير والخلاصات الواردة فيه، دفع قيادة الجيش الإسرائيلي إلى إلغاء الندوة، كيلا تظهر بمثابة اعتراض على تقرير فينوغراد ومحاولة التأثير على النقاش القائم لدى الجمهور الإسرائيلي».

الجمهور الإسرائيلي لا يعير اهتماماً إن سمع أن قادته السياسيين فاسدون، وهو على استعداد لأن يسمع أن العمليات العسكرية التي جلبت الموت للجنود، قد تمت انطلاقاً من دوافع سياسية أو مصالح شخصية، لكنه غير مستعد لأن يسمع أن جيشه ليس ذلك الجيش الرائع الذي ظننّاه