strong>مهدي السيد
يكثر الحديث في إسرائيل حول تحوّل الإنجاز الوحيد المزعوم للعدوان، والمتمثل في القرار 1701، من «نعمة» إلى «نقمة»، على خلفية التطورات الأخيرة، ولا سيما المواقف الفرنسية من خرق الأجواء اللبنانية، والإشكال مع القوة البحرية الألمانية

تطرق عدد من المحللين الإسرائيليين إلى مخاطر الواقع الجديد الذي نشأ على الحدود مع لبنان جراء القرار 1701 الذي جاء بديلاً عن فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق مهمة تحطيم حزب الله، والذي جاء خلافاً لمبدأ أساسي حكم السياسة الإسرائيلية طوال العقود الماضية إزاء الصراع في المنطقة، ألا وهو معارضة أي «تدويل» للصراع.
ويأتي ذلك في أعقاب الواقع الجديد الذي نشأ بعد الحرب حيث يرى العديد من المحللين أن الـ1701 يُقيد حركة الجيش الإسرائيلي ويُقلص من هامش المناورة لديه، فضلاً عن أنه لا يُحقق المصالح الإسرائيلية المأمولة، ولا سيما القضاء على حزب الله، وهو ما دفع هؤلاء إلى التحذير من مخاطر حصول إشكالات خطيرة مع القوة الدولية، وإلى التشكيك في صحة المزاعم الإسرائيلية التي حاولت تسويق القرار على أنه إنجاز جوهري وكبير للسياسة الإسرائيلية.
وفي هذا المجال، توقفت صحيفة «معاريف» عند الحادث الذي وقع مع البحرية الألمانية، مشيرة إلى أنه كان يمكن له أن ينتهي على نحو أسوأ بكثير ومع أزمة دبلوماسية خطيرة، ومعتبرة أنه حتى هذا المستوى من الحادث المحرج يشير إلى حجم المشاكل التي قد يؤدي اليها تواجد القوة الدولية.
وتعليقاً على الواقع الجديد الذي أنشأه القرار 1701، والحادث الذي وقع مع الألمان، رأى المراسل العسكري لـ«معاريف»، عمير ربابورت، أن هذا القرار يُشكل تعبيراً من تعبيرات «تدويل» الصراع، الذي عارضته إسرائيل طوال عشرات السنين.
وبعدما أشار إلى أهمية مبدأ معارضة التدويل في السياسة الإسرائيلية، رأى ربابورت أن هذا المبدأ تصدع بشكل جوهري للمرة الأولى بعد فك الارتباط، لكن الطوفان الحقيقي انطلق بعد العدوان على لبنان، عندما توسلت إسرائيل زيادة صلاحية قوة اليونيفيل.
وشكك ربابورت بالادعاءات الإسرائيلية التي «قدمت القوة الدولية على أنها إنجاز دراماتيكي لإسرائيل»، معتبراً أن الحقيقة مغايرة لذلك. وأوضح أن إسرائيل اضطرت إلى التوسل لمجيء قوة دولية كبيرة فقط بعدما فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق الهدف المُعلن للعدوان: تحطيم حزب الله عسكرياً، في جنوب لبنان على الأقل.
ويقول ربابورت إن أحداً في المؤسسة الأمنية لم يكن يرغب برؤية قوة دولية ضخمة فعلاً وراء الحدود الشمالية لإسرائيل، «لكن بما أننا لم ننجح في التخلص من حزب الله في المعركة، لم يبق أمامنا سوى هذا الخيار. ولاعتبارات داخلية، سوقت الحكومة والجيش الإسرائيلي هذا الإنجاز الجزئي المتمثل في وصول قوات دولية على أنه البشارة الكبرى».
ويرى ربابورت أن مصدر الأزمات والمشاكل يكمن الآن في الفجوة القائمة بين الصورة التي تكونت في إسرائيل إزاء دور القوة الدولية، وبين صورة هذا الدور كما يرونها في أوروبا. ويرى ربابورت أن الوضع الجديد، يقيد قدرة المناورة لدى الجيش الإسرائيلي، ويُقدم مثالاً على ذلك، الضغط الكبير الممارس على إسرائيل من أجل وقف طلعاتها الجوية في سماء لبنان، والتهديدات التي أطلقتها محافل فرنسية رسمية بأن قوات الدفاع الجوي الفرنسي لن تتردد في إطلاق النار باتجاه طائرات إسرائيلية، والتي تخلق، بحسب ربابورت، صعوبات حقيقية أمام إسرائيل في مواصلة طلعاتها الجوية لمهمات التصوير كالمعتاد فوق لبنان، حتى وإن كانت تدّعي أن سلاح الجو الإسرائيلي سيواصل التحليق من أجل جمع المعلومات الاستخبارية.
بدوره، توقف أوري إفرات، في «يديعوت أحرونوت»، عند ادّعاءات المسؤولين الإسرائيليين بأن القرار بوضع قوات اليونيفيل في جنوب لبنان كان نجاحاً باهراً، متسائلاً هل يمكن أخذ الانطباع، من هذه الادعاءات، بأنه من أجل استقدام اليونيفيل الى الحدود الشمالية، كان لا بد من التضحية بـ150 قتيلاً وسقوط آلاف صواريخ الكاتيوشا؟ وذكر بأن رئيس الحكومة أيهود أولمرت، وقبل صدور القرار في مجلس الأمن، وصف قوات اليونيفيل بأنها ليست أكثر من «رواد بانسيونات»، وأنهم ليسوا أكثر من «سواح»، «بينما ها هو الآن، فجأة، يقلب عملية قدومهم الى الحدود الشمالية لإسرائيل الى إنجاز باهر يحققه رئيس الحكومة».
ويضيف إفرات أن «الواقع الجديد لا يُصدق، فقد اتضح لنا فجأة بأن الإنجاز الذي لا سابق له والذي تحدث عنه المسؤولون لم يظهر ولم يجده أحد، وقوات اليونيفيل التي ظهرت وكأنها القوة الآتية للدفاع عن حدودنا الشمالية، ظهرت عملياً على أنها القوة التي ستدافع عن الحدود الجنوبية لحزب الله، حزب الشيطان. بمعنى آخر، إذا كنا قبل الحرب نستطيع أن نحلق بحرّية في أجواء لبنان لكي نعرف ماذا يُعدّ لنا حزب الله العدو، فإننا الآن لم نعد كذلك».