فتتاحية ـــ «هآرتس»قبل البدء في مسار الحرب المثير للإشكال، يتوجب أن نقول بصورة واضحة وحادة إن العدل كان إلى جانبنا في هذه الحرب التي استعد لها حزب الله طوال سنوات، وهي حرب كانت اسرائيل تؤجلها مرة تلو الأخرى بسبب عدم رغبتها في إشعال شمال البلاد وتحويل مواطنيها الى لحوم تنهشها الصواريخ والمدافع. لكن نتائج هذه الحرب يمكن أن تكون جيدة لشعوب المنطقة إذا هب العالم، كما فعل في هذا الاسبوع، وتجند لتطبيق قرار مجلس الأمن كما ورد في نصه.
يمكن الافتراض أن الجميع سيصطفون، بعد الحرب، وفقاً لمواقفهم قبل اندلاع النيران. من ظنوا أن الحرب على حزب الله ليست إلا صراعاً حدودياً محدوداً سيقولون إن اسرائيل قد دفُعت بالقوة الى جبهة الحرب التي يخوضها جورج بوش ضد «محور الشر». سيشعر آخرون بالخيبة، لأن الانتصار لم يكن ساحقاً وسيقولون إن قدرة الغرب الردعية قد تصدعت. هناك من يعتقد بأنه لا خيار لإسرائيل إلا الانضمام بصورة نشطة للكفاح الاميركي ضد «محور الشر»، وهناك من يعتقدون بأن على اسرائيل أن تتبع وسائل من شأنها أن تقلص ألسنة اللهب وتُخفض مستوى الكراهية تجاهها وتجاه اليهود عموماً.
حسن نصر الله ليس رجلاً للتسويات، وهو يمثل الإسلام المتطرف الذي يرى وجود اسرائيل مسألة مرفوضة. حقيقة أن مواطني لبنان الشيعة اختاروا ممثلي حزب الله الذين يشاركون في الحكومة لا تُبشر بالخير للمنطقة، وتنضم الى نجاح حماس في انتخابات السلطة الفلسطينية. من الممكن ايجاد تفسيرات لذلك، ولكن النتائج حبلى بالمآسي. ومحاولة النظر الى حزب الله على أنه مجرد حزب على شاكلة شاس، يقوم برفع هامة الشيعة ويوفر لهم التعليم والإعانات، تُشير الى عمى خطير لا يُتيح للمصابين به القدرة على تمييز وجود مشكلة الاسلام المتطرف المسلح والارهابي على المستوى العالمي الذي ينشط على الحدود اللبنانية بالتصميم نفسه الذي ينشط فيه على خطوط الطيران بين لندن وأميركا، وهو يشكل تهديداً فعلياً للعالم الحر كله.
يجب أن تستقر سياسة اسرائيل أيضاً على هذا الخط الواضح. استغل الاسلام المتطرف الديموقراطية والانفتاح والحرية حتى يُرسخ مواقعه في داخل الدول، ويستخدمها للأنشطة المناهضة للديموقراطية ذات الطابع الارهابي. أظهر العالم الحر عضلاته في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، ولكن بصورة متأخرة جداً في معرض دفاعه عن قيمه وعن حياته، ليس من أجل مقاتلة المسلمين لكونهم كذلك. لذلك، فإن الحرب ضد حزب الله ليست نزاعاً حدودياً، بل حرب في إحدى الجبهات، ليس باسم ادارة بوش، بل باسم الديموقراطية. يمكن أن نجادل، في هذه الحرب، في التكتيك واختيار الأهداف، ولكن من الصعب أن نناقش قضية الصدق والعدالة.