النائب عن محافظة جرش، محمد هديب، كان قد بادر إلى إعلان موافقة رئيس الحكومة، عمر الرزاز، على عرض موضوع حق تملك العقارات على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار بذلك، كما كان هديب قد طرح الموضوع في اجتماع الرئيس مع اللجان البرلمانية التي يشغل فيها عضوية «الشباب والرياضة» و«النظام والسلوك». ومع أن «لجنة فلسطين النيابية» كانت قد قدمت مطالبات عدة بخصوص أبناء غزة، فإن الاختلاف كان هذه المرة أنها جاءت بتوجيهات الملك، كما يقول هديب لـ«الأخبار». وأكد النائب أن القرار سوف ينفذ استناداً إلى تلك التوجيهات. وكان هديب من ضمن الحاضرين للقاء مع الملك بصفته ممن شغلوا عضوية لجنة تحسين «سوف»، وهو أحد المخيمات التي يقطنها لاجئو غزة. وبينما تتزامن هذه الخطوة مع خطوات أخرى تتعلق بالجو العام لـ«صفقة القرن»، شدد النائب أكثر من مرة على أن الموضوع «ليس له جوانب سياسية». وفي إجابته عن سؤال حول العدد الفعلي لأبناء القطاع في الأردن، قال إن هناك إحصائيتين: الأولى تقدرهم بـ 180 ألفاً والثانية بـ 220 ألفاً، لكنه لا يملك إحصائية دقيقة. وقال أيضاً إن قرار مجلس الوزراء «إجرائي ولا يحتاج إلى تصويت مجلس النواب».
أولى خطوات الحكومة الحالية إجراء تعداد سكاني لأبناء القطاع
وعلى مدار العقود الماضية، بقي أبناء غزة شهوداً على الوجود الفلسطيني في المملكة. وبالمقارنة، يمكن وصف أوضاعهم بالأسوأ بسبب خياراتهم المحدودة ووجودهم كضيف لا أفق فعلياً لمغادرته، وأكثر الطروحات المتعلقة بهم كانت تأتي من حملات شعبية وضغوط حقوقية تنادي بمنح أبناء الأردنيات المتزوجات بغير أردنيين الجنسية كون الموضوع يمس أبناء القطاع مباشرة، بل يحل مشكلة حقوقهم المدنية بطريقة التفافية ولكن تلقائية.
وفي ظل الإجراءات الجديدة التي تواجه فلسطينيي الشتات وتدور كلها حول توطينهم وإسقاط صفة لجوئهم في دول الخليج تحديداً، لا يمكن تجاهل أي خطوة أردنية حتى لو كانت تمثل مطالب سابقة منذ عقود والنظر إليها كمصادفة في هذه المرحلة الحرجة التي انفلت عقالها منذ إعلان دونالد ترامب القدس «عاصمة لإسرائيل». إذ تجدر الإشارة إلى أن أولى الخطوات التي اتخذتها الحكومة الحالية تكليف «دائرة الأحوال المدنية والجوازات» في بداية تموز/ يوليو الماضي إعداد قاعدة بيانات لأبناء غزة وحصر أعدادهم، علماً بأن التعداد الرسمي في المملكة ككل كان قد أُجري في الشهر الأخير من 2015.
على كل حال، لم يصدر بعد القرار الحكومي بصيغته النهائية، والتوتر حول الموضوع لم يبلغ ذروته، وخصوصاً من أطراف التيار المحافظ البيروقراطي. ولا يبدو من المصادفة أيضاً أن طرح قضية التملك لأبناء غزة تزامن مع نقاش مجلس النواب قبل أيام تعديلات لأسس منح الجنسية الأردنية لمستثمرين أجانب، الذي تم العمل به منذ شباط/ فبراير الماضي.
إذاً، ما بين شبح التوطين وكابوس التمييز، راوحت قضية الحقوق المدنية لأبناء القطاع مكانها، فعلى مدى سنوات تعنتت الحكومات المتعاقبة في موقفها الرافض منحهم أي حقوق مدنية. ورُحّلت مشكلة أهل الأردن من هذه الفئة خوفاً من فتح باب قضية التوطين الرسمي للاجئين فلسطينيين يمثلون المصطلح «الراديكالي» لتعريف اللاجئ في المملكة، وذلك بعدما حصل نحو 93.5% من اللاجئين والنازحين المسجلين لدى الأونروا على أرقام وطنية، أي جنسية أردنية، لكن استثني منهم الغزيون الذين تظهر بيانات الوكالة الدولية أن عددهم 140 ألفاً.