تواصل تل أبيب محاولة الضغط على طهران ومفاوضيها، إزاء برنامجها النووي، من خلال التأكيد على جدية «خيار الضربة العسكرية» لإيران، وتضغط، من خلال مواقف مسؤوليها وإعلامها، في محاولة لفرض خيارها العسكري، كلاعب مؤثر وحاضر خلال المحادثات المقبلة، المزمع إجراؤها في العاصمة العراقية، بغداد الأسبوع المقبل، بين إيران ومجموعة «5+1» التي تضم كلاً من روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وألمانيا.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس، أن الحكومة التركية باتت شبه مقتنعة بأن إيران لن تتنازل خلال هذه المفاوضات، «الأمر الذي دفع أنقرة إلى توجيه تحذير لطهران، بأنها إذا لم تقدم اقتراحات إيجابية خلال المفاوضات المقبلة في بغداد، فإن الاحتمال سيكون كبيراً بأن تتعرض لهجوم عسكري إسرائيلي».
وقالت الصحيفة إن «مصادر مقربة من محافل ذات صلة بالمفاوضات، ليس لديها أوهام بأن طهران تنوي الاستجابة فعلياً لمطالب الدول العظمى، بل لن تستجيب حتى لمطالب الحد الأدنى المطروحة، والتي تتضمن وقف عمليات تخصيب اليورانيوم الى درجة تزيد على العشرين في المئة، وإخراج المادة المُخصّبة لهذه الدرجة خارج إيران، إضافة الى تجميد الأنشطة العملياتية في المنشأة المُحصّنة الموجودة بالقرب من مدينة قم وإدخال المراقبين الى إيران»، مضيفة إن «ما يعزز هذا تقدير هذه المحافل حقيقة أن إيران لم تتلقّ حتى الآن تعهداً بتجميد العقوبات المفروضة ضدها».
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي «على صلة بالمفاوضات»، قوله إن «الرسالة التركية نقلت الى إيران، وتهدف الى زيادة منسوب الضغط عليها كي توافق على مطالب القوى العظمى، وخاصة أن لدى الأسرة الدولية مخاوف من أن الإيرانيين يحاولون كسب مزيد من الوقت للوصول الى جولة ثالثة من المفاوضات، من دون أي تقدم حقيقي»، مشيرة الى أن «التحذير التركي يتضمن رسالة واضحة بأن الأسرة الدولية قد تحطّم الأواني، وتشدد العقوبات على إيران».
وبحسب الصحيفة، فإن دبلوماسيين أوروبيين، اطّلعوا أخيراً على فحوى اللقاء الذي جمع مساعد الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، علي باقري، وممثلة الدول الست، هولغا شميت، في باريس، أشاروا الى أن باقري رفض القول إذا كانت بلاده ستوافق على تجميد مواصلة تخصيب اليورانيوم الى عشرين في المئة، وأوضح أن إيران معنية بتجميد العقوبات ضدها، ولا سيما حظر استيراد النفط منها، الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في 1 تموز المقبل.
الى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس»، أن مؤسسة «راند» البحثية الأميركية المرتبطة بالبنتاغون، تؤيد مواقف رئيس الموساد الإسرائيلي السابق، مائير داغان، ورئيس جهاز الأمن العام السابق، يوفال ديسكين، المعارضة لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، مشيرة الى أن مؤسسة «راند»، أعربت في توصيات رفعتها أخيراً الى إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن معارضتها للضربة و«ضرورة السعي للتأثير على النقاش الجاري في إسرائيل، لكن على نحو هادئ، وتحديداً حيال فوائد وأضرار استهداف إيران عسكرياً». وذكرت «هآرتس» أن المركز الأميركي حذّر من أن توجه نتنياهو ـــ باراك «ينطلق من فرضية أن منطقة الشرق الأوسط ستتخلص أخيراً من إيران النووية، بعد توجيه ضربة عسكرية لها، لكن النتائج العملية لهذه الضربة قد تكون أسوأ بكثير من ذلك».
الى ذلك، نقلت القناة الثانية الإسرائيلية عن السفير الأميركي في تل أبيب، دان شابيرو، قوله في «جلسة مغلقة»، إن الخيار العسكري ضد إيران ليس ممكناً فقط، وليس موجوداً فقط على طاولة الخيارات، بل أنجزت تحضيراته العملية، والاستعداد لتنفيذه». إلا أنه شدد في المقابل على أن «أفضل الحلول للأزمة النووية الإيرانية هو الحل الدبلوماسي، من دون استخدام الحلول العسكرية».