جدّدت دمشق انتقادها لائتلاف المعارضة الجديد، مصوّبة السهام على باريس «الداعمة للقتلة». في حين انتقدت موسكو المواقف «المنحازة» التي تتخذها الدول الداعمة للمعارضة السورية. في حين ربطت واشنطن العمل مع المعارضة السورية بإظهار فاعليتها. وندّدت دمشق باجتماع المعارضة السورية في الدوحة، معتبرة أنّه «اعلان حرب» ضد النظام. وقال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد «قرأنا اتفاق الدوحة الذي يتضمن رفضاً لأيّ حوار مع الحكومة».
أضاف «لا يريد هؤلاء حلّ المسألة سلمياً»، مؤكداً أنّ النظام يدعو «إلى حوار وطني مع كل من يريد الحلّ السلمي»، وهو مستعد «للحوار مع المعارضة السورية التي تكون قيادتها في سوريا، وليست بقيادة الخارج أو صنيعة منه».
ورأى المقداد أنّ الاعتراف الفرنسي بالئتلاف الجديد «موقف غير أخلاقي لأنه يسمح بقتل السوريين. هم يدعمون قتلة وارهابيين».
ورأى المقداد في الخطوة «خطأ كبيراً» يقوم على «تعارض مع التاريخ الفرنسي في العلاقات الدولية». واعتبر أن موقفها يعود إلى «تاريخها الاستعماري»، واعتقاد القيادة الفرنسية الجديدة أنّ هذا التاريخ «سيعود مجدداً».
ودعا فرنسا إلى «ترك الشرق الأوسط وشأنه، وعدم لعب لعبة مماثلة»، مشيراً إلى أنّ «دعم الارهاب يخالف القانون الدولي». واعتبر المقداد أنّ الحديث عن التسليح «غير مقبول»، مشيراً إلى أنّ «فرنسا تقدّم الآن مساعدة تقنية ومالية لقتل الناس. هم (الفرنسيون) مسؤولون عن قتل الآلاف من السوريين عبر تقديم مساعدة مماثلة إلى المجموعات الارهابية».
من جهته، انتقد رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف المواقف «المنحازة» التي تتخذها الدول الداعمة للمعارضة السورية. وأضاف، في حديث صحفي، «مع الأسف، وجهة نظر بعض الدول منحازة. بعضها يقول يجب أن يرحل الأسد فوراً، والبعض الآخر يريد ارسال أسلحة، وهذا خطأ حسب رأيي».
من ناحيته، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن زعيم ائتلاف المعارضة السورية الجديد معاذ الخطيب دعي إلى باريس، ومن المتوقع أن يزورها في الأيام المقبلة. وأضاف «تماشياً مع الدعوات التي نوجهها منذ شهر آب سيكون هناك الآن حكومة مؤقتة موحدة من قوى المعارضة في سوريا». في حين أكّد عضو الائتلاف عوليد البني «أنّ هناك محادثات مع الحكومة المصرية لوضع الترتيبات النهائية بشأن المقر الجديد في القاهرة».
في السياق، رحّب الرئيس الأميركي باراك أوباما بتوحيد صفوف المعارضة، لكنّه أكد أنّه غير مستعد للاعتراف بالائتلاف المعارض كحكومة في المنفى. وأضاف أوباما «نعتبرها بمثابة تمثيل شرعي لطموحات الشعب السوري»، معرباً عن الاختلاف مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند كون «فرنسا تعترف بالاتئلاف الوطني السوري على أنّه الممثل الوحيد للشعب السوري، وبالتالي بمثابة الحكومة الانتقالية المستقبلية لسوريا الديموقراطية».
بدورها، رحبت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بتشكيل ائتلاف جديد للمعارضة السورية. واعتبرته خطوة مهمة ستساعد واشنطن بدرجة أكبر على توجيه مساعداتها. وقالت كلينتون للصحفيين «كنا ندعو منذ فترة طويلة لمثل هذا التنظيم. نريد أن نرى أن قوة الدفع مستمرة». وأضافت «مع اتخاذ المعارضة السورية لهذه الخطوات وإظهار فاعليتها في احراز تقدم باتجاه سوريا ديمقراطية تعددية، سنكون مستعدين للعمل معهم على تقديم المساعدة للشعب السوري».
وأعلنت كلينتون عن مساعدات إنسانية إضافية بقيمة 30 مليون دولار للمتضررين من الصراع في سوريا، بعد محادثات مع نظيرها الاسترالي بوب كار ووزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا ونظيره الاسترالي ستيفن سميث.
في موازاة ذلك، جدّدت الصين دعوتها إلى وجوب أن يقرّر السوريون مصير بلادهم بأنفسهم، وذلك تعليقاً على تشكيل «الائتلاف الوطني السوري». وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، إلى أنّ «العملية السياسية الانتقالية بقيادة الشعب السوري يجب أن تبدأ قريباً لتحقيق حل عادل وسلمي ومناسب للمسألة السورية». وأضاف أن الصين ستواصل الاتصالات مع الأطراف ذات الصلة في سوريا.
إلى ذلك، جدّد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، التعبير على قلقه البالغ بشأن سوريا، مشدداً على أنّ آثار امتداد الأزمة واضحة في دول الجوار.
وتطرق بان، في محاضرة ألقاها في جامعة أميركية، إلى الوضع في سوريا فقال إنّ «المخاطر بالنسبة إلى المنطقة واضحة، ونحن نشهد انتشار تأثيراته وتوترات شديدة، واندلاعاً للعنف في الدول المجاورة لسوريا». وشدّد على أنّ ما من حلّ عسكري للأزمة السورية، مضيفاً أنّ على الحكومة والمعارضة أن تلتزم بحوار إذا أرادت تحقيق أيّ تقدّم. وأسف «لأنّه مع كل يوم في سوريا ثمّة تقارير عن انتهاكات رهيبة لحقوق الإنسان ومعاناة شديدة، والأمم المتحدة ترسل على وجه السرعة الأدوية والطعام للسوريين داخل البلاد ومئات الآلاف الذين فرّوا إلى الدول المجاورة». وشدّد بان على أنّ الوضع في سوريا هو تذكير بأن المنطقة على المحكّ ما لم يتحرك المجتمع الدولي بطريقة منسقة، وما لم يلبي القادة مطالب شعبهم بالانفتاح والكرامة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)