رام الله | أهالي الضفة، بعد وهلة من تلقي الصدمة التي أحدثتها عملية الاغتيال وما تبعها من قصف مستمرّ، بادروا إلى وقفة تضامن ونصرة وغضب على دوار المنارة، وسط مدينة رام الله، فيما انتشرت صور «الحداد» على مواقع التواصل الاجتماعي، تنديداً بالجريمة. المسيرة التضامنية أكدت على الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، وحيّت صمود غزة وأهلها، فيما كان الهتاف الرئيسي «من رام الله أعلناها غزة نجمة بسماها». كذلك تجمّع مواطنون في ساحة كنيسة المهد، تلبية للدعوات التي نادت باعتصامات في مراكز المدن، حيث أضيئت الشموع ورفع المشاركون لافتات ضدّ العدوان، مطالبين العالم بعدم السماح بإمرار عدوان جديد على غزة بصمت كما جرت العادة.
«الأخبار» استطلعت آراء المواطنين في مختلف مدن الضفة حول حادثة الاغتيال، وتبعاتها، وكيف يرى أهل الضفة ما يجري في غزة. كارول صنصور قالت «لا جديد في إجرام إسرائيل، والقيادة الفلسطينية من الطرفين باتت اليوم خارج اللعبة، وهنالك إعادة صياغة للوضع وللقوى. بكل تأكيد نأسف للاغتيال والقتل بشكل عام، لكن لا استغراب، والأهم أعتقد أنّ على الفلسطيني العادي فهم أنّه سيبقى يدفع الضريبة، طالما لا خطّة حقيقية مطروحة لإنهاء الاحتلال ومعاقبة إسرائيل. فالفلسطيني يقف وحيداً في الساحة كما كان زمن الانتداب، وعبد الناصر وصدام حسين وإلى يومنا هذا». أما ساهر الصوص، فرأى أن حادثة الاغتيال «عزّزت فكرة أن حماس لا تحمي القيادات الفاعلة في الحركة، واغتيال شخصية مثل الجعبري، الذي قدّم لفلسطين أكثر من عدة قيادات في حماس، سيكون مشكلة لكلّ فلسطين». وأضاف الصوص «إني كمواطن أرى ما يحدث في غزّة بالكارثة التي يجب العمل لأجلها. وبرأيي أفضل شيء نستطيع أن نفعله هو التأثير على الرأي العام الإسرائيلي والأميركي، لأنهما الطرفان الوحيدان القادران على التغيير في قرار إسرائيل في الحرب، مع أنّه على ما يبدو أنّ كلّ ما يحدث هو خطة معدّة مسبقاً تبدأ بغزة وتنتهي في إيران». ووصف الياس ادعيس الوضع بالمخيف في غزة، وقال لـ«الأخبار»: «أنا كمواطن في الضفة أشعر بأنني بعيد عن غزة، رغم أن غزة في النهاية هي جزء مني. وما حدث سيدفع الوضع إلى مزيد من التوتر ولن يساعد على التهدئة».
عودة ناصر أدان عملية اغتيال الجعبري بشدّة، وقال «كمواطن أعيش في الضفة، فإنّ انتمائي للضفة كما لغزة، فكلا المنطقتين تمثل أرضاً فلسطينية، ويجب علينا كشعب فلسطيني الوقوف وقفة رجل واحد لمقاومة الهجمة الهمجية والنفسية على أبناء شعبنا في غزة»، فيما عبّر ناصر عن أمله «بأن ينتهي الانقسام الحالي بين أبناء شعبنا، لأنّه يضرّ بالمصلحة العامة، ولا يوجد مستفيد منه سوى الاحتلال».
من جهته، يعتقد إياد أنّ «ما يجري في غزّة ليس سوى دعاية انتخابية للإسرائيليين، والأسف الأكبر أنّه في كل دول العالم تكون الدعاية الانتخابية عن حقوق الانسان والحيوان وحتى الحجر، إلا في إسرائيل فالدعاية الانتخابية تكون عادة عبر دمّ الفلسطينيين». ويضيف إياد أنّ الاحتلال «لا يريد شخصاً مثل الجعبري، لأنّه بكلّ تأكيد أقوى بكثير من عدد كبير من قيادات حماس المعلنة والرسمية».
أما الناشط ياسر صلاح فقال لـ«الأخبار» إن «ما فعلته إسرائيل في غزة هو عملية قتل جماعي، وإعدام جماعي خارج إطار القانون المدني. بالرغم من أنّ الجعبري عسكريّ، لكنّه لم يكن يحارب. أعتقد أن استهدافه في هذا الوقت هو سياسة إسرائيلية واضحة قبل أيّ انتخابات». لكن نضال دنون له رأي مختلف في ما جرى، مذكّراً باغتيال قادة الحركة ورموزها سابقاً، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي. ورأى أنّ ردّ الفعل لم يكن بحجم الألم الذي لحق بالفلسطينيين، وما دامت حماس أخذت دورها في القيادة السياسية بشكل رئيسي، وابتعدت عن المجال العسكري المعلن، فهي بذلك تكون قد فقدت قدراتها على الردّ النوعي على الاحتلال.
حالة من السخط تسود الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية. والأكثر من ذلك، الجميع بانتظار ردّ المقاومة على عمليات الاحتلال، دون إغفال دراسة كل الإمكانيات المتاحة لتقديم المساعدة لأهل غزة في هذا الوقت العصيب.
وبحسب نشطاء تحدثوا إلى «الأخبار»، فإن من المتوقّع أن يشهد اليوم تظاهرات في كلّ مراكز المدن الفلسطينية في الضفة، نصرة لغزة وأهلها، وضد الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه. كذلك دعت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في الضفة الغربية للانطلاق في مسيرات غضب واحتجاج.