تمثّل زيارة أردوغان للسعودية يوماً أسود لـ«إخوان الخليج»
المفارقة أنه في وقت كانت فيه قدم إردوغان تطأ أرض السعودية، استمّر الذباب الإلكتروني السعودي في الهجوم عليه، إلى درجة أن البعض وصفه بـ«العدو»، معتبراً أنه جاء إلى المملكة «صاغراً» و«مهزوماً» و«مُسلّماً بأن قيادة العالم الإسلامي مقرّها أرض الحرمين». وبخلاف هذا الهجوم الإلكتروني، كان عدم استقبال ابن سلمان، الرئيس التركي، لدى وصوله إلى المطار، والاستعاضة عن ذلك بإرسال أمير مكة، خالد الفيصل، متعمَّداً للحطّ من قدْر الرئيس التركي، ولكنّه خطوة لم تخلُ من رمزية، بالنظر إلى أن خالد الفيصل كان مبعوث الملك سلمان إلى تركيا لتسوية قضية خاشقجي عند حصول الجريمة عام 2018، وهو ما رفضه الرئيس التركي في حينه، مفضّلاً المُضيّ في فضح ولي العهد، جاعلاً إيّاه فرجة للعالم كلّه، حين أخذ يسرّب التفاصيل المرعبة لتلك الجريمة. ولذا، فإن النفور الشخصي من قِبَل ابن سلمان تجاه ضيفه بان جليّاً في صورهما، حيث بدا الثاني حريصاً على الاقتراب جسدياً من الأول، ومعانقته، بينما ظهر وليّ العهد السعودي راغباً في الابتعاد، ما يوحي بأنه سيكون من الصعب استعادة الثقة بينهما، ويطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقة في ظلّ وجود الرجلين في السلطة.
وعلى رغم أنه لم تَظهر آثار التسوية مع الرياض، ولا قبلها المصالحة مع أبو ظبي، على مصير «إخوان الخليج» المقيمين في تركيا، إلّا أن الزيارة إلى السعودية تُعتبر يوماً أسود بالنسبة إلى هؤلاء، الذين لاذوا بصمت مطبق على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أنهم شاهدوا كيف قَبِل الرئيس التركي بمنْع قادة حركة «حماس» العسكريين من دخول بلاده كُرمى لعيون إسرائيل، بما يدلّ على أنه قادر على بيع أيّ شيء، لأيّ كان، مقابل ثمن، وعلى أن يقول عكس ذلك وعيناه مفتوحتان.
ما من شكّ في أن ابن سلمان يستفيد من ملء خزائنه بالأموال بفعْل الطفرة النفطية التي جعلت الجميع يرغب في مرضاته، بسبب المرونة العالية التي تمنحه إيّاها السيولة الوفيرة في التحكّم بالعلاقات بين المملكة والدول الأخرى. وإذا كانت هذه هي حال الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فما الذي يمكن لإردوغان أن يفعله؟