

قدّم أول ألحانه إلى خالته هدى حداد، حين كتب ولحّن لها أغنية «ضلي حبيني يا لوزية» عام 1971. وفي عام 1974 ألّف الموسيقى التصويرية لمسلسل «آثار على الرمال»، وكانت أول أعماله المسرحية «سهرية» في عام 1973، ومنها انطلقت تجربته المسرحية التي أثمرت عدداً من الأعمال الراسخة حتى اليوم، ومنها: «بالنسبة لبكرا شو؟» (1978) و«فيلم أميركي طويل» (1980) و«شي فاشل» (1983) و«بخصوص الكرامة والشعب العنيد» (1993) و«لولا فسحة الأمل» (1994).

وُلد زياد الرحباني في الأول من كانون الثاني (يناير) عام 1956 في منطقة أنطلياس (محافظة جبل لبنان) وهو الابن البكر للراحل عاصي الرحباني وفيروز. نشأ في بيئة موسيقية، وكان يتنقّل بين المنزل والمسرح والاستديو. ظهرت موهبته منذ طفولته، حين كان يؤلّف جُملاً موسيقية قبل أن يتعلّم التنويط، ومنها الشطر الثاني من أغنية «الوداع» التي قام والده بتنويطها وغنّتها فيروز لاحقاً. تمرّد على مدرسة عائلته الفنية، ومزج بين الموسيقى الشرقية ومعظم أنماط الموسيقى الغربية الكلاسيكية والمعاصرة (موسيقى كلاسيكية، جاز، موسيقى لاتينية، سول/فانك، بوسا نوفا، ديسكو، بوب...).

في الموسيقى، احترف صناعة معظم الأنماط الشرقية والغربية، ومزج بعضها بسلاسة وذائقة وعفوية حتى باتت له بصمة خاصة أو نمط موسيقي فريد هو «نمط زياد الرحباني». تعاون في الأغنية مع عدد كبير من الفنانين بدءاً بجوزيف صقر، ومروان محفوظ، وجورجيت صايغ، وسامي حواط، وصولاً إلى سلمى مصفي ولطيفة التونسية. أما الحصة الأكبر من إبداعاته الغنائية، فقدمها لوالدته فيروز التي خصّها بستة ألبومات، بالإضافة إلى ألبوم «إلى عاصي» الذي حوى إعادة توزيع أغانٍ من ريبرتوار الأخوين رحباني، وديسكَين لتسجيلات حيّة لفيروز برفقة زياد.
تُضاف إلى هذه الإصدارات ألبومات مخصصة للموسيقى الآلاتية وأخرى لمزيج بين الأغاني والمقطوعات الموسيقية. آخر إصدار رسمي لزياد الرحباني هو تسجيلات الموسيقى التصويرية لفيلمَي رندة الشهال «متحضّرات» و«طيارة من ورق» وصدر عام 2019، إلى جانب أغنيات أنجزها للطيفة التونسية قبل رحيله.

كان زياد الرحباني واضحاً وحاسماً في مواقفه السياسية، وعبّر عن أفكاره في مسرحياته وأغانيه ومقالاته الصحافية ومقابلاته الإعلامية، إذ شكّلت السياسة جزءاً لا يتجزأ من مشروعه الفني والثقافي. انحاز دائماً إلى أبناء الطبقات الفقيرة والمهمَّشة، فحمل همومهم اليومية وترجمها إلى موسيقى وكلمات ومواقف. عارض كل أشكال الاحتلال والهيمنة، ووقف إلى جانب قضايا التحرر في لبنان والمنطقة، داعماً حركات المقاومة، وهو ما جعله عرضةً لانتقادات حادّة وتهديدات مباشرة.