ترتفع شكاوى أهالي الضنيّة مع تزايد حوادث السير على الطرقات المؤدّية إلى المحلة. تغيب الإحصاءات الدقيقة بشأن أعداد الحوادث وضحاياها. المتابعون يتحدثون عن مخالفات كثيرة، منها قيام مراهقين بالقيادة بسرعة جنونية.
الضنية ــ عبد الكافي الصمد
لم يكن حادث السير الذي وقع نهاية الأسبوع الماضي على طريق الضنية الرئيسية، سوى تثبيت لمشهد بات مألوفاً في المنطقة في السنوات الأخيرة، إذ ازدادت الحوادث التي تقع فيها بنسبة كبيرة، وأصبحت تمثّل مؤشراً خطيراً يدل عليه حجم الخسائر المتزايد في الأرواح والممتلكات، وأسوأ ما في الأمر أنه لا يمكن الحصول على تصريح علمي بعدد هذه الحوادث، فهي في شهري آب وأيلول كانت تقع بوتيرة شبه يومية، وفي معظم الأحيان لا يُبلَّغ عنها.
الطريق الرئيسة في الضنية تربط المنطقة بطرابلس عند مفرق بلدة كفرحبو، وقد اقتصرت أضرار الحادث الذي وقع آخر الأسبوع الماضي، على الماديات، وقد وقع نتيجة تصادم شاحنة نقل متوسطة «بيك ـــــ آب» بسيارة. انقلبت الشاحنة على جانبها الأيمن في عرض الطريق ما أدى إلى قطعها قطعاً شبه كامل، وسبّب ازدحام سير في الاتجاهين، استمر ساعات.
هذا المشهد لم يعتده سكان المنطقة في العقود الماضية، كان وقوع أي حادث سير يعدّ «حدثاً» ـــــ سيئاً بالطبع ـــــ في المنطقة، ويتداول بشأنه المواطنون لشهور. لكن هذا المشهد بات يتكرر باستمرار، وأصبح محل شكوى وتذمر بين الأهالي؛ فالطريق المذكورة هي المعبر الرئيس الذي يربط الضنية بالمناطق المجاورة لها، والطرقات الفرعية البديلة غالباً ما تكون ضيقة وترابية.
في إطار الحديث عن ظاهرة تزايد حوادث السير أخيراً على طريق الضنية، يُذكر أن أغلب هذه الحوادث تقع في فصل الصيف عندما تزدحم الطريق بسيارات المصطافين والمغتربين. ثمة نقطة ثانية لافتة في هذا الملف، هي وقوع ضحايا بالعشرات بين قتلى وجرحى، وهنا يمكن التذكير مثلاً بالحادث الذي وقع أواخر الصيف الماضي في محلة البياض وذهبت ضحيته أم مع ابنتها الصغيرة، حتى بات أهالي المنطقة يشيرون إلى أن الضحايا الذين يلقون حتفهم أو يتعرضون لإصابات بسيطة أو كبيرة في حوادث سير تقع على الطريق، قد وصلت أعدادهم إلى نسبة غير مسبوقة، وإن لم تكن لدى أية جهة رسمية أو خاصة إحصاءات تشير إلى ذلك. ويُذكر أيضاً أن حوادث السير تسبّب خسائر مادية تقدر بالملايين، ولكن يصعب تحديد قيمتها بدقة.
لماذا تغيب المعلومات التفصيلية والموثقة المتعلقة بحوادث السير على طريق الضنية؟
المتابعون يلفتون إلى أن المعلومات التقريبية تغيب أيضاً في هذا الملف، ويضيفون أن قسماً كبيراً من حوادث السير التي تقع على طرقات الضنية لا تُبلغ القوى الأمنية بها، أو لا يُستدعى خبراء في حوادث السير للكشف عليها. هذا السلوك يمكن تفسيره بأمرين، إذ يسعى أصحاب السيارات المتصادمة إلى حل مشاكلهم «حبّيا بعيداً عن التعقيدات الرسمية» مفضلين عدم «وجع الرأس»، وإما لأن السائقين عندما يتعرضون لهذه الحوادث لا يكونون «تحت القانون»، كأن تكون سياراتهم مخالفة (تعمل على المازوت أو الغاز، أو لم تُسجَّل أو تُعاين في مصلحة تسجيل السيارات مثلاً)، أو لا يحمل السائق رخصة للقيادة، وخصوصاً عندما يكون سائقها شاباً تحت السنّ القانونية.
أغلب حوادث السير تقع على الطريق الرئيسة، أو على الطرقات الفرعية التي تشهد بين الحين والآخر حوادث مماثلة، وتعدّ مياه الأمطار والثلوج وتكوّن الجليد على الطرقات الجبلية سبباً إضافياً لوقوع هذه الحوادث، فضلاً عن سوء وضع هذه الطرقات.


الحق على المراهقين...

تقيم القوى الأمنية من وقت إلى آخر حواجز على طريق الضنية لردع مخالفات السائقين، ويضع الأهالي في أحيانٍ أخرى مطبّات على الطريق للتخفيف من السرعة وبالتالي من الحوادث، هذه المطبات ترتفع مثلاً في بلدتي مرياطة وأردة. لكن المتابعين يقولون إن الحواجز والمطبات ـــــ رغم اختلاف أهميتهما فالحواجز تقيمها جهة أمنية ـــــ لم تسهم بالحؤول دون استمرار وقوع حوادث السير في المنطقة. تشير الدلائل إلى أن السرعة الزائدة عن حدها هي السبب الأول لوقوع الحوادث، السائقون في أغلب الأحيان من الشبان والمراهقين، قسم كبير منهم لا يملك رخصاً للقيادة، ويقودون سياراتهم بتهوّر شديد، ودون علم ذويهم في أغلب الاحيان، ما يؤدي إلى وقوع حوادث سير يذهب ضحيتها العشرات سنوياً.