أحمد محسنوضعت رأسي في خزانة الملابس بحثاً عن بِذلة قديمة. وفي مكان بعيد، كان جسدي يرتجف، متدلياً على حبل غسيل كشريط كهرباء. أنتظر مرور أنثى، في ظل ميت، ويؤلمني حذائي الرياضي. أغريها بالظلام لتتعرى أمامي. لا أذكر يوماً، أغمضت فيه عيني، ورأيت. كان الهاتف مقفلاً، والتلفاز معطلاً. لم تكن موجودة. رغم ذلك، سمعت صوت كعبها العالي، ورأيتها تغادر غرفة الجلوس. أوصدت الباب بفمي. أي أسنان هذه التي لا تنهش جسدي؟ تتعاقب السجائر على يدي، والمطر يرفض الدخول.
II
أيها الأعزاء جداً، جميعكم لا تساوون كتبي، وابتسامة أمي حين توقظني من نوم عميق.
III
صاحب الشَّعر الفوضوي، الذي ينسدل بنطاله خلفه؟ قالت عني. تابعت شيّ البطاطا، وسكبت المزيد من النبيذ. في اليوم التالي قصصت شعري، وحلقت لحيتي، إلا أني لم أفعل شيئاً بالبنطال. حدّقت في المرآة كذئب، وقلت في نفسي: يجب أن تكون أنيقاً يا صاحِ. الآن، أنتظر ظلي ليقودني إلى الباب.
وعلى الشرفة المقابلة، لا تزال العاملة تنفض الأيام السابقة عن السجاد. هل أخبرها أنّ الموت حالة كولونيالية مستمرة، وأنّ الطريقة التي يتحدث بها رفاقي عن الحتمية التاريخية خاطئة؟ يجدر بي أن أهتم ببنطالي، وأكفّ عن محاولة تغيير العالم.
IV
خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء. كل شيء في مكانه إذاً. يقولون إني ثمل، وقد فقدت زجاجة خمرٍ على قارعة الطريق. لا أهتم. أنا هيكل عظمي، موضّب بعناية الشياطين. أنا من يبيع الخمور إلى الشياطين، ويعطي الأشجار جسده حطباً.
واليوم يوم الطويل، كأنّه لوحة لموديغلياني، ولا شيء في الوجه إلا العينين. وما في العينين إلا التصاقهما بروح البرد الآتية من الخارج. كانت الأصوات بعيدة والشوارع فارغة. وحدها شرفة المنزل تختلس جسد الريح، وتخبئه في زواياها. خطوة إلى الأمام، وأخرى إلى الوراء. أفترس النافذة وأحدّق في المبنى الذي أُنشئ عام 1990.
V
قلت لصديقة إني أروّض شبحاً، وإني أتعاطى الحبوب المهدئة. أهديتها إصبعي، وبكيت.