تفتقد بلدة عنجر إلى مدرسة رسمية، ورغم ذلك لا يريد سكانها بغالبيتهم الأرمنية إنشاء مدرسة فيها إذا كانت لا تلحظ دروساً في اللغة الأرمنية
البقاع ــ نقولا أبو رجيلي
تضمّ بلدة عنجر نحو ثلاثة آلاف وخمسمئة نسمة، يشكّل الأرمن غالبيتهم الكبرى. أما التلامذة من أبناء أهالي البلدة والقرى المجاورة فيقدّر عددهم بنحو 600 أي ما نسبته 10 في المئة من السكان. لا يجد هؤلاء مدرسة رسمية واحدة في المنطقة ليتعلّموا فيها فيلجأون إلى التعليم الخاص. لكن المشكلة ليست في افتقار المنطقة إلى المدرسة الرسمية، إذ كانت محاولات في السابق لإنشاء مؤسسات تربوية رسمية، لكنّ الأهالي كانوا يرفضون ذلك لأن هذه المدارس المقترحة لم تكن تلحظ تعليم مواد باللغة الأرمنية لتعزيزها بين أبنائهم والعمل على إحيائها. وبالفعل، فإن وزارة التربية والتعليم العالي لم تلحظ في المحاولات السابقة لإنشاء مدارس في عنجر، مناهج تربوية تتضمن اللغة الأرمنية فيها تماشياً مع خصوصيات المنطقة.
ويتوزع تلاميذ منطقة عنجر والجوار اليوم على ثلاث مدارس خاصة، هي: الثانوية الإنجيلية الأرمنية، مدرسة الأرمن الأرثوذكس (ها أراتش)، ومدرسة راهبات الأرمن الكاثوليك وهي مدرسة ابتدائية. وتعتمد المدرستان الأولى والثانية نظام التعليم الخاص ـــ المجاني في المراحل الابتدائية فقط، أما باقي مراحل التعليم حتى الثالث الثانوي فلكل منها أقساط محددة. ويتابع معظم أبناء البلدة دراستهم الجامعية في الجامعات الأرمنية الخاصة في بيروت، فيما يتوزع الباقون على الجامعات الخاصة والرسمية في زحله والبقاع.
واللافت أنّه منذ أن لجأ الأرمن إلى بلدة عنجر في منتصف أربعينيات القرن الماضي، لم تبادر الحكومات اللبنانية المتعاقبة، إلى إنشاء مدرسة رسمية في البلدة على الرغم من الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة التي رافقتهم منذ تهجيرهم القسري من بلدهم. إهمال المعنيين، قابله عدم اتخاذ الأهالي المبادرة للقيام بأية خطوات في هذا الاتجاه أيضاً. ويلفت رئيس بلدية عنجر سيبوه ساقيان إلى محاولة يتيمة وخجولة جرت في هذا الصدد قبل خمسة عشر عاماً. لكن جرى صرف النظر عن هذه المحاولة سريعاً في حينه لأسباب تتعلق بصعوبة إقناع الأهالي بإرسال أولادهم إلى مدرسة رسمية لا تدرّس اللغة الأرمنية. ويشير ساقيان إلى أنّ الأهالي يفضلون تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة الموجودة في البلدة والتابعة للمذاهب الأرمنية، بالرغم من ظروفهم المعيشية الصعبة.
بدوره، يرى مسؤول حزب الطاشناق في البلدة إبراهام ملقجيان، أنّ عدم وجود مدرسة رسمية في عنجر، ينسحب على جميع مناطق تجمّع أبناء الطائفة الأرمنية في لبنان. ويؤكد ملقجيان أنّ السبب ليس تقصيراً من الدولة اللبنانية في هذا المجال، إذ بإمكان القيّمين على مصالح الطائفة من أحزاب وبلديات، المطالبة بإنشاء مؤسسات تعليمية رسمية في مناطق وجودهم. عندها يؤكد ملقجيان، أنه لا يمكن أن يتوانى المسؤولون عن تلبية مطالب المواطنين. ويقول ملقجيان إنّ «كل ما نتمناه هو إنشاء مدارس رسمية تخصص فيها ساعات لتعليم اللغة الأرمنية. وهذا ما يشجع الأهالي على إرسال أبنائهم إليها، وبالتالي يخفف من أعباء تكاليف التعليم في المدارس الخاصة».