الناقورة ــ آمال خليلنحو حلّ جذري بقوة القضاء و..الجرّافات، يتجه الخلاف بين رجل الأعمال اللبناني هنري صفير وشاغلي المحالّ التجارية التي «استحدثوها» ضمن أملاكه في الناقورة قبالة المقر العام لقوات اليونيفيل. فبعد ستة أعوام من النزاع بين صفير وشاغلي المحال، أعطيت الكلمة الفصل لأسنان الجرافات لترفع التعديات عن أملاك الغير هدماً. وفي غضون عام، ستتّسع الطريق الدولية إلى فلسطين عبر الناقورة، بعد هدم المحال المعتدية المنتشرة على جانبها الأيسر مقابل الشاطئ. وتنفيذاً لقرار دائرة التنفيذ في محكمة صور الصادر أخيراً، فإن ستة محالّ جديدة في «سوق الناقورة الدولي» ستؤول إلى الهدم في غضون شهر، يقوم خلالها أصحاب المحالّ بإخلائها، بعدما سبقها 20 محلاً في الثلاثة أشهر الماضية، فيما ينتظر 270 محلاً آخر دوره خلال عام واحد، لينتهي بذلك سوق ارتجلته الحاجة ويوصف بـ«سوليدير من نوع آخر». تمركز قوات الطوارئ في الناقورة بعد وصولها عام 1978، أعطى إشارة إلى سكانها لاستثمار «إقامة العالم» في بلدتهم الصغيرة. الاحتلال الإسرائيلي واستخدام قوات الطوارئ للشريط الساحلي الزراعي الذي يعتاشون منه، أدخلهم قطاع «الخدمات الدولية». وتدريجاً، بدأ البعض قبالة مقر الطوارئ، باستحداث أكشاك ومقاهٍ ومحال صغيرة متلاصقة تقدّم ما يطلبه الدوليون.
«المحال التي افتُتحت على مساحة كيلومترين، تقع ضمن أملاك هنري صفير، الذي يملك ..الشريط الساحلي الممتد من جنوب مرفأ الناقورة وصولاً حتى جنوب مقر قيادة اليونيفيل. المالك قبل 30 عاماً سمح لقوات الطوارئ بتحويل حقول الخضر الساحلية التي كان أهل الناقورة يعملون فيها، إلى مقر وثكنة عسكرية لهم وفق عقد إيجار. فيما المستثمرون الذين أنشأوا المحال على أراضٍ زراعية، لم يشتروا منه أو يستأجروا أو يستأذنوه قبل ذلك. الأسباب المانعة كانت كثيرة برأي «المتعدّين»، منها «الاحتلال والعزل وحاجتنا التي دفعتنا إلى الاختراع».
الأسباب ذاتها منعت صفير من التحرك لاستعادة أملاكه إلا بعد التحرير عام 2000. كلّف صفير 6 محامين لمتابعة قضية حوالى 300 محل. وجرى توجيه طلبات إلى شاغليها برفع التعديات تحت طائلة الملاحقة القضائية. بنتيجتها، استجاب معظمهم ووقّعوا عام 2002 تعهدات لدى كاتب العدل تفيد أنهم سيقومون بإخلاء محالهم ضمن مهل زمنية محددة ريثما يتمكنون من تصريف بضاعتهم وتسوية أمورهم.
الأمر كان مقنعاً قبل تعزيز عديد اليونيفيل في عام 2006. فبعض الشاغلين بادروا بعد التحرير إلى تصفية أعمالهم وهجر محالهم بسبب خفض عديد قوات الطوارئ. أما وقد تعزّزت، فإن من بقي ماطل في تنفيذ التعهد الذي وقّعه، ومن هجر المحال عاد ليفتتحها مجدداً. واللافت أن البعض قام بتأجير المحال لأشخاص آخرين. أما الآن فإن «سبحة الهدم كرّت وفرص التأجيل باتت نادرة، لأن الدعاوى القضائية المرفوعة ضد المماطلين بتنفيذ ما تعهدوه، بدأت أحكامها بالبت تدريجاً لمصلحة المالك»، بحسب وكيل أعماله في المنطقة خليل صفير.
في المقابل، هناك 30 شخصاً رفضوا توقيع التعهد معتبرين أنهم «أصحاب حقوق»، ولهم دعاوى خاصة قضائية رفعوها ضد دعاوى صفير «ستنتهي لمصلحة صفير» بحسب وكيله.


تجارة الهواء بالهواء

مها شعيا «استحدثت» قبل سنوات محلاً تجارياً، أصبح مؤسسة كبيرة تشغل الطابقين الأوّلين في المبنى الذي أنشأته تدريجاً ويضم منزلها. شعيا من خارج المنطقة، تصر على أنها «صاحبة حق في المكان بحكم ظروف الاحتلال التي أجبرتنا على ذلك». أما جوزف شرابية، صاحب مطعم، فيرفض أن «يقطع رزق عشرات العائلات بإقفال محال كدحوا لأجلها سنوات». ويشير موسى طاهر، صاحب محل ألبسة، إلى إمكان تسوية مادية بين صفير و«الرافضين» ترضي الطرفين. فيما لا يستبعد البعض لجوء صفير إلى إلزام المتعدّين دفع عطل وضرر عن التصرف بأملاكه، ما يصفه أهل المنطقة بـ«تجارة الهواء بالهواء».