strong>حسن عليق
بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على العثور على جثة وليد عمران ملفوفة ببطانيات في منطقة السعديات، وما حاول المتهم إثباته خلال المحاكمة من أن وليد قد انتحر، أصدرت محكمة الجنايات في جبل لبنان حكماً بإدانة زميل وليد السابق في العمل، محمد أ، لإقدامه على قتله، وأنزلت بحقه عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة

أصدرت محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي فوزي أدهم حكماً بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة 15 عاماً بحق محمد أ. لإقدامه على قتل وليد عمران عام 2004.
وفي التقاصيل الواردة في نص الحكم أن محمد ترك منشرته صباح يوم 15/3/2004 بعهدة مروان أ. بغية الذهاب إلى شراء كمية من الإسفنج. وعرّج في طريقه على منزل جهاد ح. واستعار منه مسدساً من عيار 7 ملم. ولدى عودته إلى المنشرة وجد زميله السابق في العمل وليد عمران مع مروان الذي غادر ليبقى القتيل والمتهم بمفردهما في المنشرة.
وتبيّن للمحكمة أن وليد عمران كان قد اعتاد طلب المال من محمد، لكن الأخير رفض هذه المرة تلبية مطلب وليد، الذي كان عبارة عن مبلغ ثلاثة آلاف ليرة لبنانية، وأخبره أنه لن يستطيع مسّ مبلغ الخمسة آلاف دولار أميركي الذي كان في حوزته. وبعد إصرار وليد على أخذ المبلغ المذكور، تناول محمد المسدس الذي كان في حوزته ولقّمه بيده اليسرى وصوّبه نحو الجهة اليمنى من رأس وليد وأطلق منه طلقاً واحداً كان كافياً لوضع نهاية لحياته. عندها أقفل محمد المنشرة واتصل بمروان طالباً اللقاء به في الحال، فتلاقى الاثنان في شارع عثمان في برج البراجنة وذهبا إلى محل اكسبرس في الحدث حيث ارتشفا القهوة معاً.
وأعلم محمد مروان، بأن وليد عمران أخذ منه المسدس بغية تفحّصه وتوجه به إلى الطابق السفلي من المنشرة وبعدها سمع طلقاً نارياً أثناء وجوده في الحمام، فخرج ليجد المغدور قد انتحر، على إثر هذه الرواية، توجّه الاثنان إلى المنشرة ليتأكد الظنين مروان الأروادي من صحة خبر الوفاة، وتوجّها بعدها إلى محل محمد ي، حيث دخل محمد إلى المحل وبقي مروان منتظراً في السيارة. وأفصح المتهم محمد لصديقه محمد ي. عن إقدام شخص على الانتحار بواسطة المسدس الذي أحضره معه طالباً منه إيداع المسدس لديه على سبيل الأمانة، إلا أن محمد ي. رفض تلبية هذا الطلب. بعدها، توجّه مروان ومحمد أ. إلى منزل جهاد ح. الذي سلّمه محمّد المسدس من دون أن يفصح له عما جرى.
ثم طلب محمد مساعدة مروان على نقل الجثة من مكانها، إلا أن هذا الأخير اشترط عليه الوقوف على رأي شقيقه طارق، الذي قصده الاثنان والتقيا به وأصعداه في السيارة حيث روى له محمد الرواية ذاتها التي رواها مروان، ثم عادوا إلى المنشرة حوالى السابعة مساءً، فدخل محمد وطارق فيما بقي مروان منتظراً في الخارج. وبعدما تأكد طارق من وفاة وليد، تعاون مع محمد على لف الجثة بحرامين من الصوف، ووضعاها في سيارة محمد وتوجّها الى منطقة السعديات حيث رميا الجثة قرب الطريق العام.
وبعد يومين على مقتل وليد عمران، أفصح محمد لشقيقه عثمان عن قيامه بقتل وليد داخل المنشرة، معيداً السبب إلى أنه كان قد وجّه إليه بعض الشتائم، مما أثار غيظه فأقدم على قتله. وقال عثمان في التحقيق الابتدائي إن شقيقه محمد أخبره أن عراكاً حصل بينه وبين وليد عمران بسبب إصرار الأخير على الحصول على مبلغ مالي منه، ولم يتمكن محمد من ردعه إلا بإطلاق النار عليه.
بعد مرور خمسة أيام على الحادثة، وأثناء مرور أحد الأشخاص في السعديات شاهد شادراً أسود اللون، فأعلم القوى الأمنية التي أرسلت دورية اكتشفت الجثة، التي كشف عليها أحد الأطباء الشرعيين. ثم نُقلت الى مستشفى بعبدا الحكومي حيث جرى تشريحها، وتمكّن الطبيب من تحديد أن الجثة مصابة بطلق ناري أطلق من مسافة أقل من متر على الصدغ، مما أدّى إلى الوفاة فوراً. وذكر التقرير أن المقذوف استقرّ داخل الرأس، وبعد استخراجه تبيّن أنه من عيار 7 ملم. ولاحظ الطبيب الشرعي المعاين وجود آثار لنشارة الخشب على الأقمشة التي كانت الجثة ملفوفة بها.
ويوم 22/3/2004 توجّه طارق إلى فصيلة برج البراجنة ليبلّغ عن مقتل وليد عمران، وقيامه ومحمد ومروان بنقل الجثة إلى السعديات ورميها إلى جانب الطريق العام.
وخلال الاستماع إلى إفادة محمد، اعترف بإقدامه على قتل المغدور وليد عمران بإطلاق النار عليه وإصابته بطلق واحد أودى بحياته. وأضاف إن سبب إقدامه على إطلاق النار على وليد إصرار هذا الأخير على إلزامه دفع مبلغ من المال له. لكن المتّهم أنكر أمام قاضي التحقيق وأمام المحكمة ما ورد في إفادته الأولية مشيراً إلى أن ما أدلى به كان تحت تأثير الضرب الذي تعرض له على أيدي رجال الأمن الذين أجروا التحقيق معه.
وأضاف إنه لم يكن على خلاف مع وليد، وإنه يعرفه منذ أكثر من سنة، وإنهما عملا معاً في المنشرة. وذكر محمد أن وليد كان يحضر أحياناً لأخذ مبلغ بسيط من المال لشراء دواء يستعمله باستمرار. وأكّد محمد أن وليد هو من أطلق النار على نفسه من المسدس الذي أخذه منه بقصد الاطّلاع عليه ومعاينته. وأعاد سبب عدم إعلام السلطات الأمنية بالانتحار الى الخوف الذي سيطر عليه وجهله بهذه الأمور.
في المقابل، أدلى مروان وطارق وجهاد ومحمد ي. بإفادات متطابقة لجهة نقل الجثة إلى السعديات ورميها هناك، أو لجهة استعارة المسدس من جهاد، أو لجهة الرواية التي أعلمهم بها محمد والمتعلقة بمقتل وليد عمران. كما أن عثمان، شقيق محمد، أكّد أن الأخير أعلمه بأن عراكاً حصل بينه وبين وليد كان نتيجته إطلاق النار على وليد وقتله.
وإضافةً إلى الحكم بحبس محمد أ. 15 عاماً الذي خفّفته المحكمة إلى الأشغال الشاقة مدة ثماني سنوات، حكمت المحكمة على مروان وطارق ومحمد ي. وعثمان بالحبس ثلاثة أشهر لمساعدتهم الجاني على التواري عن وجه العدالة، وتخفيفها بحق محمد ي. إلى الحبس شهراً واحداً، وإعفاء عثمان من العقوبة بسبب القرابة المانعة.
أمّا جهاد ح، فقد حُكم عليه بالحبس ستة أشهر لحيازته سلاحاً غير مرخّص، وتخفيف المدة إلى شهر واحد.