باريس ــ بسّام الطيارة
تحاول الدبلوماسية الفرنسية العاملة على إنجاح المبادرة التي أطلقها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير من أجل عقد حوار لبناني ــ لبناني في باريس عبور العراقيل التي بدأت تتكشف أمام عمل المبعوث الفرنسي جان كلود كوسران المكلف مهمة فتح الطريق أمام هذه المبادرة.
ولعلّ الخشية من انهيار هذه المبادرة دفعت الأوساط الرسمية أمس إلى التخفيف من أهميتها، وذلك على لسان الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي الذي وصفها بأنها بأنها «مجرد لقاء شكلي» وليست «مؤتمراً دولياً»، مهوّناً من سعي «بعض الصحف اللبنانية» الى «تكبير أمر اللقاء وإعطائه أهمية أكثر مما يستحق».
ورداً على سؤال لـ «الأخبار» عن سبب قيام كوسران بجولة على العواصم العالمية المؤثرة إذا كان الاجتماع «مجرد لقاء شكلي»، رأى ماتيي أن «هذا لا يغيّر من طبيعة المبادرة»
إلا أن مراقبين في باريس يتفقون على أن مهمة كوسران، الذي تؤكد مصادر موثوقة لـ«الأخبار» أنه حصل على «كارت بلانش» للعمل على إنجاح المبادرة، «تتجاوز كثيراً مجرد ترتيب لقاء، وهذا ما يفسر ترحاله بين العواصم. فهو بعد لقائه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في الرباط، طار مباشرة إلى القاهرة حيث التقى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وهو، بحسب مصادر عليمة، سيتوجه الاثنين إلى واشنطن للقاء مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش، علماً أن ماتيي أكد أن «في إمكان كوسران التشاور مع أطراف أخرى» لم يحددها، نافياً أن تكون هذه الرحلات المكوكية لإزالة أي عوائق أو بسبب «اعتراض البعض على الخطوة الفرنسية»، بل هي من أجل «تفسير أهداف هذه المبادرة».
وأكد المسؤول الفرنسي «عدم وجود أي اعتراض من القوى السياسية اللبنانية التي دعيت إلى باريس»، رغم إلماحه إلى أن بعض «محاوري كوسران شددوا على ضرورة أن تظل المبادرة في إطار لقاء شكلي». وهو ما يفسره المراقبون بأنه اعتراض من بعض القوى اللبنانية، علماً أن تسريبات أشارت الى طلب الرئيس فؤاد السنيورة ارجاء اللقاء. الا أن مصادر مسؤولة في الخارجية الفرنسية نفت ذلك، وربط بعضها هذه الشائعات باعتراض قوى لبنانية، وخص بالذكر «سمير جعجع الذي لم يخف اعتراضه على توقيت الدعوة».
وأكدت مصادر في الخارجية الفرنسية لـ«الأخبار» أن باريس «ماضية في مبادرتها» وأن كوسران سيتابع مشاوراته، ولم تستبعد «احتمال زيارة كوسران عدداً من العواصم بحسب الضرورة». وهي وإن أعادت تأكيد «أنه لا برنامج لزيارة دمشق»، فإن مقربين من الملف اللبناني أكدوا «أنه لا خطوط حمراً لإنجاح المبادرة»، مشيرين إلى أن الخطوط يمكن أن تصبح أكثر وضوحاً بعد زيارة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز لباريس الاسبوع المقبل.
وتشدد هذه الدوائر على «أن باريس لم تنف بتاتاً إمكان التواصل مع طهران»، لافتةً الى أن فرنسا تدرك أنها في سباق مع الوقت ومع «الممانعين للمبادرة الفرنسية». وتشير الى الأطراف الدولية، مثل الرياض وواشنطن وغيرهما، كانت قد أعطت باريس ضوءاً أصفر للمضي في المبادرة، إلا أن جريمة اغتيال النائب وليد عيدو والتطورات في غزة تضع «الكبار أمام مسؤولياتهم»، وقد تجعل الضوء أخضر خشية من تدهور لا يعود ينفع بعده لقاء.