strong>انطون الخوري حرب
في إطار الحوار المعقّد بين بكركي والعونيين، يسجل الفريق الأخير جملة ملاحظات على تعاطي البطريرك نصر الله صفير مع أهدافهم السياسية وصولاً الى الحالة المارونية عموماً.
ويقول العونيون انه فيما تحتشد المرجعيات الدينية خلف القيادات السياسية الكبيرة في ساحة المواجهة بين السلطة والمعارضة، يجري العمل بشكل دؤوب لإحداث استثناء في هذا الاصطفاف عند الطائفة المارونية.
ويلفتون في هذا السياق الى أن دار الفتوى، وعلى رأسها مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، تقف خلف النائب سعد الحريري وتيار «المستقبل»، فيما يقف المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى وعلى رأسه الشيخ عبد الامير قبلان خلف الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله. وفي وقت يرسو الوضع المرجعي الدرزي على تفاهم ضمني بين اليزبكيين والجنبلاطيين على ان يكون لكل من التيارين مشيخة عقل تابعة له بالكامل (مطلب قديم لكمال جنبلاط)، تبدو المرجعية الدينية المارونية في وضع يثير الارتباك لدى الطائفة. فهي تارةً مع العماد ميشال عون وتياره، وأطواراً مع اخصامه من مسيحيي 14آذار. وهي تعترف بمرجعية عون السياسية لدى الموارنة، لكنها تشكك في صلاحية تاريخه العسكري لرئاسة الجمهورية. وهي رفضت التهميش المسيحي في زمن الوصاية السورية، لكنها تعترض على تحرك العماد عون لإزالة تهميش التمثيل المسيحي في الحكومة الحالية. وهي ايضاً تنتقد تجمع المعارضة في ساحة الشهداء، ولا تنتقد التظاهرات الجوالة لفريق 14 آذار يومياً.
وفي رأي العونيين، فإن هذه العلاقة الملتبسة بين عون وصفير تثير التساؤل والاستياء لدى الجمهور المسيحي المؤيد للأول، وهو الجمهور الذي يمثل النسبة الكبرى من المسيحيين، على رغم التشكيك الدائم والمبرمج لفريق السلطة، باستمرار، في هذا التأييد. وفي هذا السياق يتحدى أركان الجنرال السلطة أن توافق على اجراء انتخابات نيابية مبكرة، اليوم قبل الغد، في تعبير عن عدم خشيتهم من تضاؤل التأييد الشعبي المسيحي للتيار الوطني الحر وقائده. هذه الثقة العارمة بالنفس لدى العونيين، تجد تفسيرها في ايمانهم بأحقية مواقف قائدهم، والتي يرون فيها سلوكاً لرجال دولة وقادة يحملون هم وطنهم ومصلحة مجتمعهم اينما حلّوا وفي كل موقع ومناسبة.
ويذكّر العونيون بأنه لطالما اشتكت بكركي من فرض النظام السوري نواباً ووزراء ورؤساء على المسيحيين من دون الالتفات الى القاعدة الميثاقية التي تشترط اختيار الطوائف لمسؤوليها لقيام الديموقراطية التوافقية التي وافق عليها صفير في الطائف، ولم تكن لتقر لولا موافقته. ويرى العونيون ان موقف صفير بالنسبة لمرجعية عون السياسية المسيحية كان ظرفياً ومبنياً على غضبه من خيانة لقاء قرنة شهوان له في الانتخابات النيابية.
ويفتخر اركان الجنرال بأنهم دعموا مواقف صفير الوطنية بكل قوة رغم اختلافاتهم الكثيرة معه، وهذا ما حدث بعد نداء المطارنة الموارنة في ايلول عام 2000. وهذا ايضاً ما حدث بالنسبة الى بيان الثوابت المارونية. لكنهم عاتبون على تغيير صفير السريع لمواقفه تجاههم، فحين بدأ الكلام عن تحرك المعارضة دافع صفير عن حق التظاهر، ثم عاد ليعلن انه ضد التظاهر بعد انطلاق هذا التحرك. ويتساءل المقربون من عون: «كيف يمكن رئيس الطائفة المارونية ان يدافع عن حكومة تتمثل فيها طائفته تمثيلاً «ذمّياً» ويرسل في الوقت نفسه رسالة الى رئيس الجمهورية يطلب فيها استقالته ارضاءً لرغبات النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط؟».
ويؤكد العونيون ان معظم البنود الاساسية لورقة التفاهم الموقعة بين التيار الوطني الحر وحزب الله مستمدة من نداء السينودس والارشاد الرسولي والثوابت المارونية. كما ان شبّان التيار وشاباته الموجودين في خيم ساحة الشهداء، «انما هم هناك لأنهم يفتشون عن وطن يليق بمستقبل مشرق ومشرّف لأبنائه، لا وطن فندقة وزندقة. فهؤلاء الشباب ناضلوا في الماضي ويناضلون اليوم دفاعاً عن القيم اللبنانية، ومن ضمنها قيم بكركي، فهل يجوز تصديق الأكاذيب التي يلفقها من يعرفهم البطريرك جيداً، ويعرف افعالهم ونواياهم منذ زمن بعيد؟». ويقول العونيون: «شبّاننا وشابّاتنا هم جيل مناضل وشريف اعتنق قضية الدفاع عن الوطن بدل ايديولوجية الملاهي الليلية والمخدرات، ووقفوا وحدهم امام قوى الظلم، وسلاحهم الكلمة الحرة يوم كان العالم كله متخلياً عنهم، فالاعمال غير الاخلاقية تنطبق على من تاجر بالوطن والشعب طيلة المراحل السابقة، ويتحفنا بشعاراته السيادية اليوم، لا على شباب التيار الوطني الحر».