البقاع ــ نقولا أبو رجيلي
معلم سياحي ومساحة خضراء محاذية لنهر شمسين

تعدّ حمى كفر زبد واحدة من ستة مواقع لبنانية تصنّف ضمن الموائل المهمة للطيور، وهي: إبل السقي وبحيرة القرعون وقاع الريم وجبل صنين وتنورين. وقد اختيرت هذه المواقع بعد إجراء دراسات على 41 موقعاً في لبنان، وفق الشروط المعترف بها عالمياً في سياق مشروع تنفذه جمعية حماية الطبيعة في لبنان، يمتد على أربع سنوات من العام 2004 حتى 2007، ومموّل من مؤسسة (مافا).
وتشكّل حمى كفر زبد تجربة ناجحة في الشراكة بين القطاعين الأهلي والبلدي. فالأرض التي أقيمت عليها هذه الحمى مقدّمة من المجلس البلدي، وتبلغ مساحتها 400 دونم محاذية لنهر شمسين (قرب عنجر) للجهة الشمالية منه، وتبعد عن منبعه في أسفل سفح السلسلة الشرقية نحو 500 متر.
وبعد أن كانت هذه المحلّة التابعة لأراضي كفر زبد العقارية مسرحاً لرعاية الماشية والأبقار ومكباً للنفايات ومقصداً لصيادي الطيور والأسماك، أصبحت اليوم معلماً سياحياً وباحةً خضراء وملاذاً آمناً للأسماك النهرية المتنوعة والطيور المهاجرة التي تحطّ رحالها فيها بعد عناء السفر عبر البلدان.
نائب رئيس بلدية كفر زبد إبراهيم أبو رجيلي شرح لـ“الأخبار” المراحل التي رافقت إنشاء “حمى كفرزبد”. وكلمة حمى جاءت تقليداً لعرف قديم كان سائداً في المنطقة العربية على مرّ السنين حيث كان يمنع مداورةً استخدام مناطق معينة للرعي لفترة من الزمن والانقطاع عنها للحفاظ على مواردها الطبيعية. وكان ذلك يتم بالاتفاق بين رؤساء القبائل في حينها. وبعد موافقة المجلس البلدي على الفكرة، بوشر العمل لإنجاز المشروع بالإمكانات المادية المتوافرة في صندوق البلدية، إذ بلغت الكلفة نحو 30 مليون ليرة لبنانية صرفت لإزالة النفايات وتسوية التربة ورصف حوالى 3000 متر مربع بالبحص لإقامة المنشآت وغرس 24 دونماً بشجر الجوز والحور والصفصاف وإقامة “تصوينة” من الشريط الشائك تفصلها عن الأملاك الخاصة. كما أنشئت جمعية لـ“حمى كفرزبد” تضم 15 شاباً وشابة خضعوا لدورات تدريبية بهدف إطلاق حملات استقطاب للزوار، وتحسين وضع الحمى كي تكون على مستوى الطموحات المرجوة.
وأثنى أبو رجيلي على دور جمعية حماية الطبيعة في لبنان التي ساهمت بمبلغ 100 مليون ليرة لبنانية بمشاركة هيئات عربية ودولية. وشملت هذه المساعدات تصنيع غرفة متحركة من الخشب والحديد لمراقبة الطيور وإنشاء مبنى من طبقتين أعدّ للمكاتب، وعدة غرف في جميع أرجاء الحمى خصصت للاستراحة والمنامة وإقامة حمامات ومحطة تكرير للمياه المبتذلة. وطليت هذه المنشآت بمواد الترابة البيضاء والتبن والرمل حفاظاً على الطابع التراثي للمنطقة، إضافة إلى توزيع مقاعد خشبية وطاولات من الصخر الطبيعي وإقامة بركة اصطناعية بمساحة 500 متر مربع لاستقطاب الطيور المهاجرة. ويجري العمل حالياً على استحداث ممرات داخلية من الباطون تسهيلاً للتجوال داخلها خلال فصل الشتاء.