لا يزال الغموض يحيط بمصير التشكيلات الديبلوماسية التي كان قد أعدها وزير الخارجية فوزي صلوخ قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، وتردد أن الرئيسين إميل لحود وفؤاد السنيورة وافقا على مسودتها. ولا تزال هذه التشكيلات تنتظر إدراجها في جدول أعمال جلسة لمجلس الوزراء لإقرارها. ومع أن الانطباعات المحيطة بمواقف الرؤساء الثلاثة من مسودة التشكيلات تشير إلى موافقتهم على الصيغة المقترحة، فإن تأجيل طرحها على مجلس الوزراء يثير أكثر من علامة استفهام، وخصوصاً أنها التشكيلات الأولى منذ ثلاث سنوات. وكانت آخر تشكيلات ديبلوماسية أجريت إبان وجود الوزير جان عبيد على رأس وزارة الخارجية في آخر حكومات الرئيس الراحل رفيق الحريري عام 2003.وتقول مصادر مطلعة إن التردد في إقرارها حتى رأس السنة الجديدة من شأنه تعطيلها إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الخريف المقبل نظراً إلى تشعّب الاهتمام الداخلي عندئذ، وترك الاتفاق عليها للرئيس المقبل والحكومة الأولى للعهد الجديد، الأمر الذي يشير إلى تأخير طويل لمناقلات تشمل قرابة 40 سفيراً وتجميد نشاطات البعثات التي يرأسونها، وبين هؤلاء من تجاوز وجوده على رأس بعثته المدة التي يحددها القانون لذلك، أضف إلى شغور في سفارات مهمة في عواصم رئيسية معنية بشكل أو بآخر بالوضع اللبناني.
وإذ لفتت المصادر نفسها إلى بتّ الأسماء الأربعة لسفراء سنّة من خارج الملاك اختارهم رئيس الحكومة (نيويورك والرياض والقاهرة والأمانة العامة لوزارة الخارجية) بالتعاون مع حليفه تيار المستقبل، وترك صلوخ خاناتها في مسودة التشكيلات خالية كي يملأها السنيورة، فإن ثمة تجاذباً لا يزال يحيط بمنصب سفير لبنان في واشنطن نظراً إلى أهميته من جهة، وإلى الدور الأميركي المباشر في الوضع الداخلي اللبناني من جهة أخرى، بعدما تردد أن صلوخ رشّح له مدير الشؤون السياسية في الوزارة السفير بطرس عساكر. لكن معلومات أخرى ذكرت أن شخصاً آخر مرشح لهذا المنصب هو مدير المنظمات الدولية في الوزارة السفير أنطوان شديد.
ويُشار إلى تجاذب سياسي في جانب منه طائفي ومذهبي بين الجهات الرسمية النافذة حيال مصير السفارة في واشنطن: بين مَن يريدها لماروني (عساكر) عملاً بتقليد متبع، ومن يريد إبقاءها للروم الأرثوذكس (شديد) بحكم الواقع الراهن، وذلك لسببين: أولهما أنه سبق لأرثوذكسي أن شغل السفارة في واشنطن عبر اسمين لامعين في الديبلوماسية اللبنانية هما شارل مالك وجورج حكيم، مع أن هذه السفارة غالباً ما عهدت إلى سفير ماروني أو سني، وثانيهما إبقاء واقع توزيع المناصب على الطوائف والمذاهب على نحو ما هو قائم الآن على غرار سائر التعيينات القائمة في المناصب الإدارية والأمنية، عندما أُسندت سفارة واشنطن لدوافع سياسية محضة إلى السفير الحالي فريد عبود الذي استدعته الخارجية إلى بيروت قبل أكثر من شهرين، ولم تأذن له بعد بالالتحاق بمركز عمله في العاصمة الأميركية نظراً إلى الخلافات التي شابت علاقته بالخارجية الأميركية بسبب موقفه المؤيد للرئيس إميل لحود، الأمر الذي أغضب السنيورة وفريق 14 آذار. أما ترشيح عساكر فيعزوه الداعمون له إلى متابعته عن كثب في السنوات الأخيرة سواء كأمين عام للخارجية بالوكالة أو كمدير للشؤون السياسية الحركة الديبلوماسية عن قرب، في ملفي المحكمة الدولية والقرارات الدولية المتعلقة بلبنان، وخصوصاً القرارين 1559 و1701، ومثل لبنان في هذا الإطار في اجتماعات مجلس الأمن.
وفي حمأة التنافس القائم حيال منصب السفير في واشنطن يصبح التجاذب السياسي والطائفي اكثر تشنجاً.
وتقول جهات رسمية مراقبة إن ثمة اتصالات بين المسؤولين بغية إعادة الروح إلى مسودة التشكيلات وطرحها قريباً على مجلس الوزراء تفاديا لمزيد من التجاذب.
(الأخبار)