دمشق ـ إبراهيم عوض
أن ترى صورة للعماد ميشال عون ملصقة على زجاج خلفي لسيارة خاصة متوقفة عند نقطة الحدود في منطقة المصنع يقوم سائقها بإنجاز معاملاته في مقر الأمن العام اللبناني أمر يسترعي الانتباه، لكن أن ترى السيارة قد أنجزت معاملاتها لدى الأمن العام والجمارك السورية في «جديدة يابوس» ثم تتوجه بعد ذلك إلى دمشق من باب شارع المزة فمسألة يجدر التوقف عندها، خصوصاً مع احتفال «التيار الوطني الحر» غداً بذكرى 13 تشرين الأول 1990 الذي اطاحت فيه القوات السورية «انتفاضة» عون و«حررت» قصر بعبدا منه.
غداً يتذكر العونيون بمرارة من دون أن يخرجوا عن وصية الجنرال بطي صفحة الوجود السوري، فيما سيارة البيجو اللبنانية تصطحب صورة زعيم التيار وربطة عنقه البرتقالية في جولة داخل أحياء عاصمة الأمويين.
وحيدة هي صورة العماد عون هنا، لكنها ليست كذلك حين تختلط معها صور شريكه في «مذكرة التفاهم» الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التي وضعت على سيارات الأجرة وواجهات المحال التجارية جنباً إلى جنب مع صور الرئيس بشار الاسد.
على وقع هذا المشهد يتطلع الزائر اللبناني الى حركة الدمشقيين الذين تغص بهم الشوارع وهم يقبلون على التبضع انسجاماً مع اجواء شهر رمضان واستعداداً لعيد الفطر. يسأل صاحب متجر معروف لبيع السكاكر والحلقوم عن زبائنه اللبنانيين الذين لم يعد يرى وجوههم منذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري: «لماذا هذه القطيعة؟ ماذا فعلنا لكم حتى تعاملونا بهذه الطريقة؟». يقولها بغصة ظاهرة مضيفاً: «اذا كان الاعداء يريدون ان يفرّقوا بيننا فهل نسهل لهم ذلك؟ اخي... لدينا مئة ملاحظة وملاحظة على المسؤولين عندنا ولكن على (وليد) جنبلاط ان يفهم انه حين يهاجم النظام ويفرق بينه وبين الشعب انما يدفعنا للتمسك بنظامنا والتفافنا حوله. عليه الا يلعب هذه اللعبة».
سائق يعمل عند وزير سابق بدا مذهولاً بعد ايام قليلة على اغتيال الحريري ولم يستبعد حينذاك الاتهامات التي وجهت الى مسؤولين سوريين بالوقوف وراء الجريمة باعتبار أنه بدّل موقفه مئة درجة وذهب الى حد القول بأن «اقرب المقربين للحريري هم الذين قتلوه.. وستثبت الايام صحة ما أقول».
رئيسة قسم في احدى الوزارات التي نطلق عليها في لبنان صفة «السيادية» ابدت تفهماً لمواقف النائب سعد الحريري المنتقدة لسوريا: «الشيخ سعد مهما فعل ذنبه مغفور باعتباره نجل الشهيد. اما جنبلاط فالطلاق معه الى الابد»، وأضافت بصوت حزين: «نحن في الوزارة بكينا مرتين، الاولى يوم اغتيال الحريري والثانية يوم اغتيال جبران تويني». وأوضحت: «لا يستغربن احد، بكينا على جبران الذي نخالفه الرأي ولكن لا بد ان نسجل انه بقي على مواقفه لم يغيّر ولم يبدل ولم ينقلب على نفسه كما فعل كثيرون».
قبل دقائق على انطلاق مدفع الافطار تبدو دمشق من المطعم الدوار الكائن في الطابق الـ16 لفندق دمشق كأنها في حال منع تجول. يخبرك النادل ان مطاعم دمشق على انواعها ودرجاتها مكتظة بالرواد الذين حجزوا مقاعدهم مسبقاً، خصوصاً مساء يوم الخميس مع بدء العطلة الأسبوعية.
في دارة مسؤول سوري راح يشاهد الاخبار من محطة «نيو. تي. في.» استوقفه كلام لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة بعد خروجه من جلسة مجلس الوزراء اول من امس على علاقته برئيس الجمهورية العماد اميل لحود وقوله: «ان الخلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية». تساءل المسؤول: «عندما تحضر التشكيلات الديبلوماسية يحضر معها الود. ولكن أين تصبح القضية التي على أساسها فقد الود بين لحود والسنيورة؟».