فداء عيتاني
نجح خالد حدادة في ملامسة نبض الشيوعيين، السابقين والشبان منهم، وإن كان الحزب الشيوعي الرسمي نسي ان من عادة جمهوره الاحتفال بـ«عيد الحزب» لا بـ«ذكرى» تأسيسه. في السابق كان هذا اليوم مناسبة أكثر احتفالية. اليوم صار ذكرى بدايات وما بينها مراحل عمل لعشرات الآلاف من اللبنانيين.
«إنها المرة الأولى أحضر احتفالاً للحزب منذ سنين طويلة»، يقول كهل انتمى الى الحزب منذ سني المراهقة، وقاتل في صفوفه ومقاومته. ويضيف: «لم آت بمفردي. رجوت ابني المؤيد لـ«حزب الله» مرافقتي». يتدخل الشاب المراهق سائلاً: «هل كان قائدكم يقاتل معكم مثل عباس الموسوي؟».
سائق أجرة يسأل حين يرى الأعلام الحمراء في الاونيسكو «هل أصبحتم حسينيين؟»، إلا ان حدادة يقول من داخل القاعة «تحالف مع «حزب الله» من دون التحاق، وتمايز من دون اصطدام». العجائز ممن أفنوا أعمارهم كانوا هناك على مقاعد الأونيسكو. مقاتلون سابقون أصبحوا كهولاً اصطحبوا أطفالهم، يتجولون هنا وهناك، ويلتقون رفاق الأمس.
«وحده مقتل الشبان في الحرب الأخيرة دفعني الى النزول اليوم»، يقول أحد الذين ذهب الزمن بشعرهم، «منذ سنوات طويلة وأنا أعمل خارج لبنان، لا أعرف شيئاً عن وضع الحزب واليوم أتيت في زيارة لهم».
خارج القاعة لا يندر ان يبحث رفاق الأمس بين الوجوه عن إلفة ما، يتعانقون، كأنهم عادوا للتو من عمل عسكري ما، أو من عملية ضد الاسرائيليين. يتحدثون باقتضاب عن أحوال حياتهم، ويكتشفون المسافة المريعة التي تفصل بعضهم عن بعض وعن حزبهم وعن جيل شاب اختار ارتداء الثياب العسكرية.
تمكن خالد حدادة من إشعال القاعة بالتصفيق حين استهل كلمته بذكر أسماء الشيوعيين الذين سقطوا في الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان.
المقاتلون السابقون والكهول الحاليون يعرفون تماماً ان على قيادة الحزب «الثبات في موقفها الحالي» ليس من أجلهــــــــم، وهـــم غرقوا في مشاغل الحياة اليومية، بل من أجل الشبان الجدد، ومن أجل من صار يفاضل بين عباس الموسوي وجورج حاوي، ومن أجل أطفال كانوا يلهون قرب آبائهم الذين سيخبرونهم يوماً، كيف تم تحرير بيروت والضاحية وجبل لبنان وإقليم الخروب وصيدا ومنطقة النبطية من الاحتلال الاسرائيلي.
لا يعود النقاش الشيوعي الداخلي ذا جدوى، إزاء أسماء الشهداء. معهم لا يبقى غير الإجماع على الثبات في الموقف.