ليس هيّناً التصديق أن الخروج من أزمة انقطاع المياه المتكرر وتلوثها في الجنوب، أمر متوافر. استراتيجية المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر، في توفير المياه وحمايتها من التلوث، تقدم الحل بشرط تعاون المواطنين لا ينحصر برفع التعديات وتسديد الجباية. ففي حلقة حوارية أقيمت في النبطية، بشأن نبع الطاسة، بدعوة من مبادرة «تعا نحكي»، تعهد ضاهر بتوفير المياه لجميع المشتركين في أقضية الجنوب والنبطية في غضون مدة تراوح بين ثلاث وخمس سنوات. لكن ذلك يتطلب «توافر البنى التحتية والشبكات والإمكانات لتنفيذ المشاريع». يقرّ ضاهر بأنه بدأ من الصفر عند تسلّمه منصبه قبل سنة. الحال قبله راوحت بين «إدارة عاطلة للمياه والصرف الصحي، ونقص كبير في الداتا وعدم انسجام وتنظيم بين أحجام مصادر المياه ومحطات الضخ والشبكات». المفارقة قبل شهر واحد، أنّ ضاهر تمكّن وفريقه من تحديد الكميات التي تضخها المحطات والآبار التابعة لمؤسسته (300 ألف متر مكعب يومياً) وما الذي تسحبه البلديات. 300 ألف متر مكعب في مقابل نحو 800 ألف مستفيد، من بينهم 170 ألف مشترك. لكن من بين المشتركين هناك 70 ألفاً فقط يسددون الرسوم المستحقة عليهم. «فمن أين نأتي بالأموال لنوفر خدمة المياه ومعالجتها قبل ضخها إلى المشتركين؟»، سأل ضاهر. لا يقتنع الأخير بالاعتراضات على زيادة 50 ألف ليرة على رسم الاشتراك السنوي الذي أضافته المؤسسة مطلع العام الجاري لتتسلّم مباشرة إدارة قطاع الصرف الصحي، قبل أن تتراجع عن القرار: «ميزانيتنا تعتمد على الجباية. فكيف نوفر أفضل خدمة من دون أن يدفع المواطن؟».تحدي توفير المال ليس الأكبر بالنسبة إلى مياه لبنان الجنوبي. الأسوأ «التعدي على الشبكات العامة المترهلة في الأساس. تفوق نسبة التعديات والهدر ستين في المئة!». من أبرز مظاهرها حفر الآبار العشوائية. ماذا يبقى إذاً؟ يطلب ضاهر تعاون المواطنين لضبط التعديات ووقف الهدر ليتمكنوا من الاستفادة من مشاريع المياه التي تنجزها المؤسسة، ولا سيما لمنطقة النبطية التي تعاني من أزمة مياه لنحو تسعة أشهر في العام. من المشاريع، توسعة محطة نبع الطاسة (ينبع من اللويزة) الذي يغذي 50 بلدة في النبطية وصيدا وإقليم التفاح، واستحداث محطة ضخ من نبع علمان في زوطر توفر 10 آلاف متر مكعب، ومحطة ضخ من نبع غلة في العيشية، تغذي مدينة النبطية بـ40 ألف متر مكعب يومياً. أما عن تحدي التلوث، فقد أقرّ ضاهر بأن الصرف الصحي يلوث كل المياه الجوفية والآبار. لكن المياه تعالج في محطات الضخ قبل وصولها إلى المشتركين. ما حلّ أزمة الصرف الصحي؟ على نحو مبدئي، ستجرب المؤسسة تقنية المحطات المدمجة في ثلاث بلدات، لاختبار فعاليتها.