«الويل لأمّة تأكل مما تزرع». هذه هي الخلاصة الأبرز للمؤتمر الثاني للمركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء في مجمع الجدث الجامعي أمس. «الوضع مقلق ويرقى لأن يكون موضوع أمن قومي»، كما عبر مدير المركز الوطني نزيه بو شاهين. إذ أن «قتل اللبنانيين وتسميمهم في غذائهم والماء الذي يشربونه والهواء الذي يتنفسونه يشبه تماماً حرباً بيولوجية وكيماوية تُشنّ عليهم»، وهو ما بات ينعكس ارتفاعاً مستمراً في أعداد المصابين بالأمراض السرطانية وغيرها من الأمراض الفتاكة.المؤتمر الذي عقد بعنوان «التلوث - جودة الصحة، الواقع والمرتجى» أكد المؤكد ضمن معطيات علمية تشير إلى تضاعف الملوثات الكيميائية والجرثومية في الغذاء والماء والدواء، وتغير كامل في نسب التكوين الهوائي، من دون أي سياسات عملية فاعلة تتناسب وجدّية المخاطر.
مديرة مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية «ليبنور» لانا درغام أكّدت وجود معايير ومواصفات للأسمدة والمبيدات والهرمونات التي تعطى للحيوانات والنبات في لبنان، لكن «لا رقابة على تطبيق هذه المعايير». فيما أشارت رئيسة مختبر علم السموم في جامعة القديس يوسف حياة عازوري الى أن نسبة حقن الهرمونات في الأبقار، على سبيل المثال، «غير مدروسة ما يؤدي إلى أمراض سرطانية ويؤثر في هرمونات الذكورة والأنوثة لدى الجنسين». ولفتت الى أن الكثير من المواد الكيميائية في الأدوية ومستحضرات التجميل والمواد الغذائية في السوق اللبناني «مُنعت في فرنسا منذ عام 2011 بسبب خطورتها على الصحة».
الاختصاصية في الأمراض الجرثومية رلى عطوي شدّدت على مخاطر مضادات الالتهابات التي تعطى للمزروعات مما يرفع من خطر المقاومة البكتيرية لدى الإنسان، ويؤثر بشكل أساسي على الأجنّة والرضّع. وهذا ما يفسّر «أن معظم أدوية مضادات الالتهابات لم تعد مجدية، مما يضطر المريض لتناول مضادات أقوى وأكثر سُميّة مما يسبّب أضراراً للكلى والكبد».
رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية اعتبر أن «أبرز سبب لضعف إدارة موضوع المياه، رغم خطورته، هو أن المعلومات لا تزال مصدر قوة للمسؤولين الحكوميين ولا يتم تعميمها. وتؤخذ القرارات من الإدارة المركزية بحسب ما يلائم صناع القرار أنفسهم». فيما أشار الخبير البيئي نديم فرج الله إلى أن «لا إدارة صحيحة للمياه»، مستفيضاً في شرح أهمية «الحوكمة كركن أساسي لتحقيق الأمن المائي»، ومشدداً على أن «الطبقة الفقيرة هي الأكثر معاناة جراء المياه الملوثة في لبنان».
يذكر أن المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء LFDCA كان المختبر الذي صدرت عنه نتائج حملة سلامة الغذاء والماء الشهيرة في عهد وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور. والمركز تابع للجامعة اللبنانية ويضم كلا من كلية الطب والصحة والصيدلة والأسنان والمركز الصحي الجامعي ومقره كلية الصيدلة. ويحاول المركز الوطني، بحسب رئيسه نزيه بو شاهين، أن يحل محل المختبر المركزي الذي لم يعد موجوداً، لكن «وزارة الصحة لا تدعم المركز بحجة ضعف الموارد» لافتاً إلى أنه «إلى الآن لم يدفعوا لنا 49 مليون بدل أكثر من 9000 فحص عن سنة 2016 رغم أننا نقدم الفحوصات بسعر الكلفة لأن المركز لا يبغي الربح».