يدخل إضراب موظفي الإدارة العامة أسبوعه الثاني اليوم بالتزام متفاوت بين الإدارات والوزارات. منها أضرب وأوجع كحال المالية ومنها مستمرّ بالعمل بشكل طبيعي مثل التربية. في هذا الوقت تجري العديد من المحاولات لثني الموظفين عن إضرابهم تحت شعار «المصلحة العامة» من قبل رأس الحكومة أو وزراء فيها. لكنّ الموظف قبل كلّ شيء إنسان يعمل لتحصيل المال لشراء الطعام والشراب والحاجات الأساسية، هو ليس متطوعاً يفتش عن نشاطات تملأ أوقات فراغه.ولفهم ما جرى على راتب هذا الإنسان يجب الإشارة إلى أنّ متوسط راتب الموظف من الفئة الثالثة يبلغ ثلاثة ملايين ليرة أي ما يوازي تقريباً أربعة صفائح بنزين. حسناً، لقد نفذ الراتب فقط لدفع تكلفة الوصول إلى العمل. ماذا عن الحاجات الأساسية؟ ماذا عن طعامه وشرابه؟

الإضراب، إلى أين؟
رئيسة الهيئة الإدارية لموظفي القطاع العام نوال نصر تؤكّد على «استمرار الإضراب، وعدم التراجع عنه أو عن المطالب». وتضيف بأنّ «التحرّكات المقبلة ستكون أكثر زخماً مع تجاهل الدولة للموظفين تارةً وتقديمها الفتات تارةً أخرى». وتشير إلى أنّ «الرابطة غير معنيّة بالمساعدات التي تطرحها رئاسة الحكومة سواء كانت على شكل راتب إضافي كل شهر أو بدلات عينية من الوقود على شكل بونات طالما هي قيد الدرس». وتختم بأنّ «المطلوب اليوم إعادة النظر برواتب القطاع العام. لا يمكن أن يُعطى الموظف راتباً هزيلاً ويُطلب منه الذهاب إلى الدوام بغض النظر عن كيفية الوصول والطريقة».

أرشيف (مروان طحطح)

في المقابل، وزير العمل مصطفى بيرم الرافض لوصفه بالـ»وسيط» بين الموظفين والحكومة كونه من عداد موظفي القطاع العام يرى أنّ رهان الحكومة كان على «الدولار الجمركي» لتحصيل الواردات. ولكن أحداً من القوى السّياسية لم يجرؤ على أخذ هذا القرار (رفع الدولار الجمركي). بالتالي لا واردات تمكّن من تصحيح أو إعادة النظر بالرواتب. ويضيف أنّه «تمكن إلى الآن من تحرير المساعدة الاجتماعية (نصف الراتب) من شرط الدوام لثلاثة أيام والبحث جارٍ حول كيفية رفع ودفع بدلات نقل مجزية تمكّن الموظفين من الوصول إلى مراكز عملهم».
من جهة ثانية يطلب بيرم «التوازن بين الموجود والمطلوب». ويستغرب «سياسة السقوف العالية» المعتمدة من رابطة موظفي القطاع العام والبيانات التي تطالب مثلاً بـ»إخلاء الوزارات للأبنية المستأجرة لتخفيف النفقات أو استرجاع الأملاك البحرية». ويرى أنّ «هذه طلبات محقة نعم، ولكن لا يمكن لحكومة تصريف أعمال تحقيقها. مشاكل الدولة المزمنة لا يحلّها الإضراب في التوقيت الأصعب». ويشير إلى أنّ هذا التوقيت يخدم فكرة تصفية القطاع العام والإمعان في ضرب سمعته كونه أصبح موجهاً ضد الناس، ولا يجب على الموظف أن يخسر معركة الرأي العام.

قواعد روابط التعليم تترقب
مع إضراب رابطة موظفي الإدارة العامة تغلي قواعد روابط المعلمين (أساسي، ثانوي ومهني). أما الهيئات الإدارية تحاول وتجرّب كلّ أبر المهدئات معها لتمرير الاستحقاقات المقبلة. القواعد تدفع نحو وضع الامتحانات ونهاية العام الدراسي على طاولة التفاوض بينما الروابط تخفي عنهم حقائق مرّة. يوم السّبت الماضي أصدرت بياناً تحذيرياً للمطالبة بحوافر الامتحانات وهي لم تقبض بدل نقل للشهر السّادس على التوالي. بيانات التخدير تتوالى، مساعدة النصف الراتب لم يقبضها الأساتذة وهم يعلمون تماماً أنّها لن تقبض بسبب إضراب موظفي الصرفيات في المالية. ويتفهمون ويتابعون ويلاحقون وكأنّ من انتخبهم كان يريد أن يوصل معقب معاملات لا جهة نقابية فاعلة.
مصادر من داخل الهيئة الإدارية لأساتذة التعليم الثانوي تفيد بأنّ «الوزارة تكذب، وهذا أوقعنا بحرج كبير مع الأساتذة». المفاوضات العسيرة معها هي التي دفعتها لتوقيع الحوافز عن الشهرين الماضيين، والتوجه كان لعدم الصرف». ويوم الأربعاء ستتوجه روابط التعليم إلى وزير التربية لطلب موقف واضح حول حوافز الدول المانحة للأساتذة المشاركين في الامتحانات الرسمية. في حال الـ»لا موقف» من الوزارة ستسحب الروابط يدها وتترك للأساتذة كامل الحريّة في المشاركة من عدمها. وتضيف المصادر أنّها «لا تستطيع اليوم حثّ الأساتذة على الذهاب إلى الامتحانات كما فعلت مع الانتخابات من دون ضمانات فعلية بأنّهم سيحصلون على حقوقهم».