ورغم أنّ المواطن يدفع بطرق مباشرة وغير مباشرة ضرائب لخدمة ملف النفايات، منها الرسوم التأجيرية للبلديات، والمبالغ المقتطعة من أرباح قطاع الاتصالات التي تعود إلى الصندوق البلدي المستقل، إلا أنّ الأسباب الموجبة لاقتراح المشروع توحي بأنّ قلب الحكومة على البلديات، إذ تفتش عن طرق جديدة لتمويلها، علماً أنّ الأموال الواردة إلى الصندوق البلدي خلال عام 2021، بحسب سعر صرف الدولار وقتها، تجاوزت 15 مليون دولار. لكن، حتى عائدات الصندوق البلدي المستقلّ لا تصل كاملة إلى البلديات نظراً إلى اقتطاع نسبة منها لتغطية كلفة كنس وجمع ومعالجة النفايات، ولا سيّما في العاصمة بيروت.
تصل قيمة الرسم الشهري على النفايات إلى 12 دولاراً على المنازل السكنية بناءً على مساحتها
في حال إقرار المشروع في مجلس النواب، سيُسدَّد الرسم بالدولار وسيتكبد المقيمون بدلات إضافية لمعالجة النفايات. الهدف من إضافة هذه الضريبة تأمين تمويل إضافي لشركات جمع النفايات التي أمعنت تدميراً وفساداً خلال العقود الماضية، إذ لم تنشئ مطمراً صحياً واحداً، أو معامل تدوير كفوءة، بل نشرت المطامر العشوائية في المناطق، ولا سيّما في المناطق الساحلية من صيدا إلى بيروت. في المقابل، لا تقلّ الإدارات المحلية أو البلديات سوءاً عن الحكومة في إدارة الملف ذاته. إذ ساهمت الأخيرة في نشر المحارق والمكبات العشوائية في طول البلاد وعرضها، ومكبّ الكفور في النبطية خير دليل. في حين أمهلت الحكومة في مشروعها الجديد البلديات 3 سنوات لتطبيق الرسم الجديد، ومن ثمّ انتقال إدارة النفايات الصلبة إليها، من دون تحديد الطرق المناسبة للتخلص منها، أو إعادة تدويرها.
من جهة أخرى، «الرسم لا يدخل تحت خانة النوعي»، بحسب مشاركين في صياغة نص مشروع القانون، فـ«الرسم مهمّ من ناحية تحمّل الناس مسؤولية الإنتاج والاستهلاك، والضريبة ليست فقط لإنتاج الأموال بل لتصحيح السلوك». ولكن، للحكومة حسابات أخرى، إذ قرّرت اعتماد «الطرق السهلة»، وأخذت مساحة المنزل معياراً للرسم لا وزن النفايات المنتجة من كلّ بيت. وبالتالي، حتى المنازل الفارغة ستدفع رسوم النفايات. في المقابل، الضريبة المقترحة، بحسب المشاركين في صياغتها، قادرة على دفع الناس للتخفيف من إنتاج القمامة إما عبر تدوير المواد العضوية منها، أو بيع النفايات القابلة للتدوير للشركات المهتمة، وصولاً إلى «تصفير إنتاج النفايات».
في المقابل، توجهت الحكومة أيضاً إلى «تدفيع المؤسسات الكبيرة مبالغ أكبر وصلت إلى حدود 1800 دولار شهرياً». أما الوحدات السكنية، فاعتمدت الحكومة معايير لا تمتّ للعدالة بصلة في احتساب الضريبة. بالإضافة إلى مساحة المنزل، أخذ معيار «عدد أعضاء المجلس البلدي» بالحسبان، حيث يراوح الرسم الشهري بين 3 دولارات و12 دولاراً في المناطق التي يفوق عدد أعضاء المجلس فيها 15 عضواً، أي المدن الكبيرة. فيما ينخفض الرسم إلى دولارين وصولاً إلى 8 دولارات في البلديات التي يقلّ عدد أعضاء البلدية فيها عن 15 عضواً.