بشير صفير ينطبق على الساحة الفنية الفرنسية وإنتاجها الغنائي ما بات يمثّل قاعدة عالمية تتكون من نقاط بسيطة جداً: أولاً، لا شيء جديد يذكر على مستوى نص الأغنية في العالم، إلا في ما يخص تناول المواضيع الراهنة. ثانياً، لا أفكار موسيقية فظيعة تُوَظَّف في هذا المجال، إلا في ما يتعلق بابتكار الألحان (بما أنّ الاحتمالات لامتناهية). ثالثاً، لا أصوات خارقة تتخطى ما قدمته البشرية في القرن العشرين (أي تلك التي وصلتنا عبر التسجيلات). لكن من جهة ثانية، يمكن فرز كل الإنتاج الغنائي في فرنسا وغيرها إلى فئتَيْن أساسيتَيْن: تجاري تافه أو غير تجاري. وهذا الفرز يطال الأغنية بكل مكوّناتها. بمعنى أن النص السطحي يجرّ معه موسيقى من مستواه والعكس صحيح.
هدفنا من هذه المقدمة في تناولنا الفنانة الفرنسية/ الإنكليزية إميلي لوازو، تصنيف تجربتها بدقة. لوازو هي من المغنيات الشابات ذوات التوجه غير التجاري. صوتها جيد، مراهق النبرة، لعوب هنا، عميق هناك خدمةً للمعنى. نصّها يستفز العقل في الحد الأدنى، وينمّ عن مقاربة للحياة العصرية خارجة عن السائد السطحي. ألحانها مألوفة بالمعنى الحسن للكلمة (لا على طريقة المسرحيات الغنائية الفرنسية الجديدة، أو لارا فابيان وإيلان سيغارا، صاحبتَي اللحن الواحد لعشرات الأغنيات). أما التوزيع الموسيقى فيحترم ألف باء التلوين الهارموني والصوتي. والنتيجة العامة: لا خروج عن قواعد الأغنية الشعبية، ورغم ذلك لا تخلّي عن هوية خاصة تتكون من مزيج هويات غير تجارية.
إميلي لوازو المولودة عام 1975 لأب فرنسي وأم إنكليزية درست البيانو ثم المسرح، قبل أن تتفرغ للموسيقى عام 2001، عندما كتبت أغنيتها الأولى. بعد أكثر من ظهور في إصدارات مشتركة مع فنانين آخرين، ولِد ألبومها الأول «الطرف الآخر من العالم» عام 2006 الذي أتبعته بجولة حفلات حققت لها الشهرة. وهذه السنة، أصدرت ألبومها الثاني «بلد متوحِّش» الذي حوى مجموعة أغنيات بالفرنسية والإنكليزية، تأخذنا موسيقياً في جولة بين الشعبي الفرنسي والفولك الأميركي وأطراف الغوسبل، والتراثي الأفريقي. وشارك فنانون عديدون في الألبوم، أبرزهم توماس فرسَن.
كل هذه الصفات تجعل من لوازو المرشحة الأولى لدعوة من «كاباري دو موند» الذي ينظم حفلات فنانين فرنكوفونيين في «ميوزكهول» في بيروت، بعدما سبقتها زميلات يتمتعن بالمواصفات ذاتها: جان شرهال، أوليفيا رويز (اشتركتا في ألبوم لوازو الجديد)، كاميّ... إلا إذا كان ناجي باز من سيدعوها إلى بيبلوس هذا الصيف؟