فاطمة بارودي«اطلبوا أكثر من التلفزيون»، هذا هو الشعار الذي اختارته مجموعة «+ Canal» لإطلاق خدماتها الجديدة في الجزائر بعد التعاون الذي تمّ بين Canal overseas ـــــ مشغّل «+ Canal» ـــــ و«عربسات». غير أن الإعلان عن باقة القنوات الجديدة لم يمرّ من دون مشاكل، إذ أكّد رئيس مجلس إدارة Canal overseas جان ـــــ نويل ترون «أن البرامج ستتناسب مع ذائقة الجمهور الجزائري». وترجم هذا القول بإعلان حذف كل برنامج يحتوي على مشروبات كحولية أو مشاهد جنسية أو إباحية. وبسبب هذه «الرقابة الذاتية»، فرضت الشركة أسعار اشتراكات مرتفعة نسبياً في السوق الجزائرية.
لكن تعويضاً عن غياب «برامج الراشدين» على قنواتها، ستعمد الشركة إلى بثّ برامج كرة القدم ومبارياتها، وخصوصاً البطولات الأوروبية التي تهمّ المشاهد الجزائري.
إطلاق باقة القنوات هذه فتح الباب واسعاً أمام أسئلة عدّة تتناول حرية الرأي والصحافة في الجزائر، حيث لا تزال الدولة تحتكر وسائل الإعلام المهمة، وذلك من خلال «مؤسسة الإذاعة الوطنية» و«المؤسسة العمومية للتلفزيون». وقد سبق لهذه الأخيرة أن أعلنت منذ حوالى خمسة أشهر، على لسان مديرها العام السابق حمراوي حبيب شوقي، توجّهاً لمنح استقلالية «إدارية ومالية» لكلّ من القناة الأرضية والقناتين الفضائيتين مع إطلاق مشاريع قنوات محلية ومحطات جديدة. وتأكيداً لكلام شوقي، أُطلقت أخيراً القناة «الرابعة» الناطقة باللغة الأمازيغية والقناة الدينية «القرآن الكريم»، ضمن ما سيسمّى مستقبلاً بـ«مجمع التلفزيون الجزائري».
وفي هذا الإطار، صدر بيانٌ عن كاتب الدولة لدى «الوزير الأول المكلّف بالاتصال» عز الدين ميهوبي أكّد فيه أنّ إطلاق هاتين القناتين يندرج ضمن خطة تهدف إلى إنشاء قنوات متخصصة، منها محطة موجّهة إلى الأطفال وأخرى علميّة.
وعلى رغم ضبابية الصورة الإعلامية الجزائرية وكتمان السلطة خطّتها الحقيقية لتحرير القطاع السمعي والبصري، يبدو ـــــ من خلال إعطاء الضوء الأخضر لـCanal overseas ـــــ أنّ النظام سيدعم الشركات الأجنبية، وذلك بحثاً عن استثمارات مربحة. ولعلّ هذه الخطة ستُضعف من حظوظ الشركات الخاصة أو الحزبية الجزائرية، إذ إن النظام لا يزال يدرس العواقب التي ستنتج من فتح الباب الإعلامي على مصراعيه ومدى قدرته على مواجهة وسائل إعلامية جديدة، وخصوصاً أنّ قسماً منها سيكون معارضاً. لذا، لا شكّ في أنّه إذا استُصدر قانون إعلامي جديد يتيح إنشاء وسائل إعلام جديدة، ستُمنح الأولويّة للموالين للنظام، وهو ما يعتبر خطوةً تمويهيةً لا قيمة لها في مجال تحرير الإعلام من هيمنة السلطة. هكذا، تبقى الصورة حتى الساعة ضبابيّة، وعلامات استفهامات عدّة ترتسم على دفتر الشروط الذي ستعتمده السلطة.