يبقى الأمر الأكثر غموضاً في مسار فيرجيس، اختفاؤه سبع سنوات (من 1970 إلى 1978)، عجزت خلالها كلّ الاستخبارات الغربية عن تحديد مكانه. بعدها، ظهر فجأة في باريس ليعود إلى المحاماة. إنها النقطة الوحيدة التي رفض فيرجيس تناولها بشكل صريح في الشريط.يستعيد شرودر مختلف الروايات المتداولة بخصوص هذا الاختفاء... وأبرزها أنّه قضى تلك الفترة في التدرب على أيدي الاستخبارات الروسية، في برلين الشرقية أو موسكو. وتقول رواية أخرى إنّ فيرجيس تعلّم هناك تقنيات «التخريب السياسي» التي استوحى منها نظرية «استراتيجية القطيعة» التي وظّفها خلال محاكمة باربي.
في المقابل، ترجّح رواية أخرى أنّ فيرجيس قضى تلك السنوات مقاتلاً إلى جانب بول بوت، قائد الخمير الحُمر في كمبوديا الذي تعرّف إليه طالباً في السوربون، وربطته به صداقة قوية. ويشير تقرير آخر إلى أنّ استخبارات الصين استقطبت فيرجيس في كومبوديا، فانتقل إلى بكين، حيث استطاع أن يتخفى بسهولة بفعل ملامحه الآسيوية. لكنّه لم يلبث أن اختلف مع النظام الماوي فسُجن، ما يفسر بقاءه مختفياً لسنين طويلة.
أما تقرير الاستخبارات الفرنسية فيشير إلى أنّ فيرجيس اشترك سراً في صياغة الدستور الجزائري في عام 1975، ما يعني أنّه كان متخفياً في الجزائر. بينما يفترض تقرير آخر أنّ فيرجيس التحق برفاقه الفلسطينيين في شعبة العمليات الخارجية لـ«الجبهة الشعبية» وعاش متنقلاً بين قواعدها السرية في ليبيا واليمن والأردن. لكنّ مصادر أخرى تفيد بأنّه عاش هارباً من تهديد ما، فكان ضيفاً على الثورة في كوبا أو في فيتنام أو في مسقط رأسه في جزيرة La Réunion.
وها هو شرودر يضيف احتمالاً آخر: ربما كان فيرجيس يقاتل في لاووس، خلال الحرب السرية الأميركية هناك. ويستند في ذلك إلى «أجندة» رواية فيرجيس التي أصدرها بعد عودته إلى باريس، ويصف فيها أجواء وتضاريس مستوحاة من لاووس.
فيرجيس اكتفى بالقول في شريط باربيت: «لا أنفي أيّاً من هذه الروايات والاحتمالات، فكل واحدة منها تمثّل تجربة كان جديراً بي فعلاً أن أعيشها!».