محمد عبد الرحمن
قد يكون فيلم «إعدام ميت»، أحد أبرز أفلام حرب 67 التي يمكن مشاهدتها من دون التركيز على السياق الزمني للأحداث. في العمل الذي يغوص في عالم الجاسوسية، نجح كل من الكاتب ابراهيم مسعود والمخرج علي عبد الخالق في تقديم شريط سينمائي خلا إلى حدّ كبير من الخطاب المباشر الذي وقعت في فخّه معظم أفلام الحرب العربية الإسرائيلية. قد يعود السبب إلى اعتماد العمل في المقام الأول على قصة حقيقية من ملفات المخابرات المصرية، خلال الفترة الممتدة بين هزيمة يونيو 1967 ونصر أكتوبر 1973. وهي ميزة أخرى للفيلم، إذ يعدّ من الأعمال السينمائية النادرة التي سلطت الضوء على حرب الاستنزاف، أي المناوشات العسكرية التي امتدت بين عامي 1968 و1970. ويبدو أن علي عبد الخالق كان مهتماً بتلك الفترة أكثر من تسجيل بطولات حرب أكتوبر مثلما فعل باقي المخرجين في السنوات العشر التالية. إذ قدم في أول أفلامه «أغنية على الممر» (عام 1972)، رواية فصيلة من خمسة جنود حاصرهم الجيش الإسرائيلي يوم 5 يونيو 1967، بسبب انقطاع الاتصال مع القيادة المصرية.
على رغم كونه الأول والأهم لكاتب الجاسوسية المعروف ابراهيم مسعود، حقق «إعدام ميت» (إنتاج عام 1985)، النجاح كلما أعيد عرضه. تبدأ القصة من استغلال ضابط المخابرات المصري محيي (فريد شوقي) للتشابه الكبير بين الضابط عز الدين (محمود عبد العزيز)، والجاسوس منصور الذي استغلّه ضابط الموساد (يحيى الفخراني)، وطلب منه التجسس لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية في القاهرة. وبعدما ألقت الشرطة المصرية القبض عليه، يقنعه محيي بأن ينتحل عز الدين شخصيته، بحجة أن تعاونه سيسهم في الإفراج عنه. هكذا يتوجه عز الدين إلى قرية منصور في سيناء، بغية تضليل المخابرات الإسرائيلية، والسفر إلى تل أبيب للكشف عن أسرار مفاعل «ديمونة» النووي. لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فمنصور يرفض الكشف عن جميع أسراره للمخابرات المصرية، حتى يضمن عودته سالماً إلى سيناء. أما عز الدين فيواجه المشاكل مع شقيقة منصور (ليلى علوي) التي يخبرها بالحقيقة، ويقع في حبها. ويزداد الأمر سوءاً عندما تساور الشكوك والده (ابراهيم الشامي)، وحبيبته التي تعمل معه كجاسوسة (بوسي)، وأخيراً ضابط المخابرات الإسرائيلي الذي يزيد الضغط عليه. وتنتهي الأحداث بمفاجأة، تؤكد استمرار الصراع من جهة، ورفض القبائل البدوية في سيناء لوجود خائن بينهم، من جهة ثانية.
يذكر أخيراً أنّ الفيلم شكّل حلقة من سلسلة أفلام متتالية، جمعت نجوم الثمانينات وحملت في معظمها توقيع عبد الخالق، مثل «العار» و«جري الوحوش» و«الكيف». وهذا الأخير جمع أيضاً محمود عبد العزيز الذي أجاد أداء الشخصيتين (الضابط والجاسوس)، ويحيى الفخراني الذي قدّم في «إعدام ميت» للمرة الأولى والأخيرة دور الشرير. وقد تميّز الفخراني في الدور، عبر استخدامه خفّة الظل في طريقة تعامله مع منصور. أضف إلى ذلك الجرأة التي تمتع بها، وهو يقدم شخصية يهودي من أصل مصري، على رغم أن الشخصيات الإسرائيلية كانت دوماً لممثلين ليسوا نجوماً.

17:00 على «روتانا سينما»