في الموسم الرمضاني الماضي، شهدت الدراما العراقيّة غزارة في الإنتاج، جعلت بعض العاملين فيها يستبشرون خيراً بنفض غبار الحرب عن نجومها، وإبعاد شبح الصور الدموية، ولو قليلاً، عن مشاهديها. سلّطت هذه الأعمال الضوء على هموم العائلة العراقية، واستعانت بفنانين مخضرمين مثل حسن حسني ومحمود أبو العباس وسهى سالم، إضافة إلى نجوم شباب مثل بشار القيسي من «ستار أكاديمي». لكنّ هذه المسلسلات التي صُوّر معظمها خارج البلاد (سوريا ولبنان)، أوقعت المشاهد في حيرة لأن مواقع التصوير الخارجية التي رآها للمرة الأولى، تكاد تختلف عمّا يعيشه أو اعتاده، خصوصاً أنّ المكان يؤدي دوراً مهماً في الكثير من هذه الأعمال، ويؤلف إطاراً لأحداثها. ومع ذلك، أسهمت الدراما في تحريك عجلة الإنتاج العراقي، خصوصاً أنّ القنوات المحلية، الأرضية والفضائية، أبدت حماسة في عرضها. ومع اقتراب موسم رمضان المقبل، سارع المنتجون إلى تنفيذ أعمال جديدة، تُراهن على جرعة أكبر من الجرأة، وتكشف النقاب عن الواقع المأساوي للمجتمع العراقي بعد الاحتلال. واللافت أنّ هذه الأعمال تصوّر في سوريا، خصوصاً أن المخرجين العراقيين يجدون في دمشق حيث يعيش أكثر من مليون ونصف عراقي، مكاناً ملائماً لإنتاج أعمالهم وإخراجها. هذا ما يؤكده المخرج والمنتج العراقي عدنان إبراهيم في حديث إلى «العربية نت»، مشيراً إلى أنّ الدراما العراقية تطوّرت بعدما أفادت من التجربة السورية. وهو يعمل اليوم على تنفيذ مسلسل «المواطن G» الذي كتبه المؤلف المسرحي العراقي فلاح شاكر. ويوضح أنّ عمله ينتقد معضلة الحصول على جوازات السفر الجديدة التي أصدرتها الحكومة العراقية، وحالة اللاستقرار التي يعيشها مواطنوه داخل بلادهم وخارجها، والصراع الطائفي الذي يسفك الدماء يومياً في بغداد. هكذا مثلاً تلجأ سهير إلى ممارسة البغاء لكسب لقمة العيش. وهكذا أيضاً يضطر عمار إلى زيارة العراق ليحصل على جواز السفر الجديد، فيصطدم بالتغيرات التي طرأت على المجتمع. وهناك، يستصدر هويتين مزوّرتين، إحداهما تحمل اسم عمر يستخدمها في المناطق السنية، والثانية تحمل اسم حسين لاستخدامها في المنطقة الشيعية...
كذلك يصوّر المخرج علي أبو سيف مسلسل «الملف» الذي كتبه عباس الحربي. ويتحدث العمل عن المواطن العراقي الذي تحوّل إلى النقطة الأضعف في مأساة العراق. هو الجاني والمظلوم، والمنتظر دائماً أي فرجٍ يلوح في الأفق.