دمشق ــ خليل صويلح
تتكئ عناوين معظم الأعمال الدرامية السورية في السنوات الأخيرة على أسماء أغانٍ وأفلام مشهورة، ربما لاستعادة ذاكرة رومانسية مغيّبة، ورسم صورة مشتهاة لعلاقات متشابكة، أقل وطأة مما هي عليه في الواقع. من “أيامنا الحلوة” عنوان أحد أفلام عبد الحليم حافظ، إلى “أهل الغرام”، و“وشاء الهوى”، و“اسأل روحك” في أول تجربة إخراجية للفنان وائل رمضان، وانتهاء بعنوان أغنية أم كلثوم “سيرة الحب”، أحدث الأعمال الدرامية السورية في هذا السياق. وعلى رغم أن هذه العناوين هي مجرد مفاتيح للدخول إلى فضاء اجتماعي معاصر، تتطلع في نهاية الأمر إلى مقاربة أحوال الجيل الجديد ومشكلاته في الحب والعمل والمستقبل، وخصوصاً أن كتّاب هذه الأعمال هم من الشباب. هذا الجيل الذي وجد نفسه غارقاً في قيم جديدة وطارئة، لم تعالجها الدراما السورية التقليدية بعمق، فأراد أن يخوض التجربة من وجهة نظر مغايرة، وأكثر واقعية، تتلمّس المناطق المجهولة والسريّة في الحياة اليومية بمفرداتها وعناصرها الواقعية. لذا اعتمد في أغلب أعماله على الحلقات المنفصلة المتصلة، في لوحات تعكس أطيافاً من العلاقات الشبابية، سواء في الجامعة، أو في مواجهة فواتير الحياة العملية التي تطرح قضايا شائكة، لم تقاربها الدراما السورية قبلاً بمثل هذه المكاشفة والوضوح.
هكذا ظهرت عشرات الأسماء الجديدة في الكتابة الدرامية، حتى لو كان الأمر على سبيل التجربة والمغامرة، وخصوصاً أن كتابة لوحة لا تتجاوز مدتها خمس دقائق أو ربع الساعة، لا تتطلّب مهارات كبيرة في خوض حقل الكتابة الدرامية. وكانت سلسلة “بقعة ضوء” مثلاً، مجالاً حيوياً لاختبار مهارات هؤلاء الكتّاب حتى لو من طريق معالجة نكتة شائعة، أو اقتباس قصة قصيرة من الأدب العالمي، في سوق درامية تتطلب نحو ألف ساعة سنوياً. ولعلّ تجربة عمل مثل “أهل الغرام” للمخرج الليث حجو، تؤكد مثل هذه الحاجة إلى كتّاب جدد، حتى لو كانوا مجهولين تماماً. إذ اعتمدت “إم بي سي” في إنتاج الجزء الثاني من العمل، على نصوص وأفكار لكتّاب هواة من طريق إعلان حاجتها إلى أفكار جديدة، وإرسالها عبر البريد الإلكتروني. وقد استقبلت فعلاً آلاف الأفكار التي لا تخلو من مفاجآت وحسّ درامي قابل للتجسيد على الشاشة. وكأن قصص الغرام “الفاشلة”، وهي جوهر فكرة العمل، لا تنتهي على الإطلاق بوجود عقبات حياتية لا تُحصى، تقف في وجه النهايات السعيدة التي طالما كرّستها الأعمال الدرامية العربية. هذه الطريقة المبتكرة في اكتشاف كتّاب دراميين، تنسف عملياً “ديكتاتورية الكاتب”، وتفتح المجال واسعاً أمام المشاهد العادي، كي يكون هو نفسه كاتباً وشريكاً، إذ تستحق حكايته في النهاية أن تُروى في ما يشبه تجربة “تلفزيون الواقع”.
في “سيرة الحب” للمخرج عمار رضوان، محاولة لاستعادة مناخات وأجواء الفيلم التلفزيوني، إذ يتألف العمل الذي كتبته لبنى حداد ويزن أتاسي من ثلاثين حلقة منفصلة متصلة، تعالج كل حلقة حكاية حب مختلفة عن الأخرى، في مقدماتها ونتائجها، تبعاً لبيئة الشخصيات ومشكلاتها وتصوراتها للحب والشراكة والتضحية. ويقول مخرج العمل “إن هذا النوع الدرامي يتطلب جهداً مضاعفاً لجهة الإيقاع السردي لمجمل العمل، نظراً إلى تعدد أمكنة التصوير، واختلاف مواضيع الحلقات، وتنوّع السرد البصري، بين فيلم وآخر”. ويضيف: “لم يعتمد كاتبا العمل على توجّه عام يؤطر هذه السلسلة، فهناك حكاية واقعية، وأخرى كوميدية، وثالثة فانتازية، وإن كانت تجمعها، في نهاية المطاف، موضوعة الحب وسيرته في تجلّياتها المتعددة، واعتماد أسلوبية حكواتي المقهى في نسج خيوط الحكاية وتصاعدها الدرامي”. يشارك في تجسيد شخصيات “سيرة الحب” عدد كبير من النجوم السوريين، أمثال: كاريس بشار، وعبد المنعم عمايري، وسامر المصري، ومي سكاف، وسعد مينة. ومن المنتظر أن يعرض على الشاشة في موسم رمضان المقبل.