خليل صويلح
لم تنل مجلة «القيثارة» التي أصدرتها «جماعة الشعر الجديد» الشهرة التي أصابت مثيلاتها في الأربعينيات من القرن المنصرم أمثال «الأديب» اللبنانية و «الرسالة» المصرية. هذه المجلة توقفت بعد عام على صدورها (1946ـــ1947) من دون معرفة أسباب احتجابها المبكر. المجلة التي كانت تصدر شهرياً في مدينة اللاذقية عن مطبعة «الإرشاد» لم تشر في عددها الأول، ولا في أعدادها اللاحقة إلى أسماء هيئة التحرير وهوية «جماعة الشعر الجديد». هي اكتفت بالإشارة إلى أنّها نذرت نفسها للشعر في حلته الجديدة باعتباره «أرحب حقل تمرح فيه عرائس الشعراء وخيالات القراء طليقة هانئة».
جمعت وزارة الثقافة في دمشق أخيراً، أعداد المجلة وطبعتها في مجلد ضخم بإشراف محمد كامل الخطيب. وتصدرت صفحات العدد الأول من «القيثارة» قصيدة للشاعر أحمد الصافي النجفي بعنوان «إلى اللاعبين بالنرد».
وفي العدد الثالث أطل الشاعر نزار قباني في قصيدة أرسلها من القاهرة بعنوان «الشفة»، وأخرى تحت عنوان «إلى ساق» كتبها في مقهى «جروبي». ونقرأ خبراً عن قرب صدور ديوانه الثاني بعنوان «الأزرار الملتهبة». وحسب تعليق المجلة سيكون «وثبة جديدة وجريئة في الشعر العربي».
ومثلما بات معروفاً اليوم، لم ينشر الشاعر ديواناً تحت هذا العنوان، بل استبدله لاحقاً بـ «طفولة نهد». فيما نقرأ في العدد الرابع قصيدة عمودية للشاعر علي أحمد سعيد بعنوان «خريف زنبقة» كتبها في قريته قصابين، قبل أن يوقّع قصائده اللاحقة باسمه الجديد أدونيس مع انطلاقة مجلة «شعر». وسيتكرر اسم الشاعر في الأعداد: السادس والسابع والتاسع والحادي عشر، بقصائد حملت عناوين: «كوخ» و«الفردوس الخيالي» و«وفاء» و«سكرة الصراع». وهذه القصائد لن يجدها القارئ اليوم بين أعمال الشاعر المطبوعة، رغم أن القصائد لا تخلو من بذرة تمرد شعري مبكر وإرهاصات حداثة غائمة.
وسيفاجأ من يتصفح العدد الحادي عشر من المجلة بقصيدة عمودية للشاعر يوسف الخال بعنوان «دوسي على قلبي» موقّعة في «فبرايرـــ1947». ويقول فيها «دوسي على قلبي، ولا تسألي/ عما سيجري لي وعما جرى/ أنا صديق الغيب، ما همني/ أن توحش الدنيا وأن تقفرا».
أما شاعر العامية اللبنانية ميشال طراد، فواظب على نشر قصائده في معظم أعداد المجلة، تحت ترويسة دائمة هي «ألحان الريف».
وشهدت أعداد المجلة ولادة ديوان «آلام» للشاعر نديم محمد الذي نشره كاملاً على صفحات المجلة، إضافة إلى بواكير شعرية من فاتح المدرس «أستاذ اللغة الإنكليزية في تجهيز حلب» وقصائد سريالية من أورخان ميسر وعلي الناصر ومنتخبات من شعر سعيد عقل وصلاح لبكي. وتختتم المجلة عددها الثاني عشر والأخير بمقال من مجلة «الكاتب المصري» بقلم سيد قطب عنوانه «الوعي في الشعر».