لم تكد الأكاديمية السويدية تعلن فوز توكّل كرمان أمس بـ«جائزة نوبل للسلام» حتى عمّت الفرحة شوارع صنعاء، وتحديداً ساحة التغيير. هذه الساحة نفسها التي تعتصم فيها الناشطة والصحافية اليمنية (1979) منذ أكثر من سبعة أشهر إلى جانب مئات آلاف الشباب المطالبين بإسقاط نظام علي عبد الله صالح. ويكاد لسان حال كل الثوار في الساحة يكون واحداً: «اليوم وصل صوت ثورتنا إلى العالم بشكل أفضل». هذه العبارة تقولها الناشطة أمل الدبعي التي لا تخفي بهجتها وفخرها بفوز معارضة يمنية بإحدى أهم الجوائز في العالم. وتضيف الدبعي: «منذ اليوم الأول لثورتنا، كنت على يقين أن قضيتنا عادلة».
لا يختلف عنها موقف ناشطة أخرى هي آسيا البعداني. تقول هذه الأخيرة إن إحساساً «بالفخر، وبأهمية دور المرأة اليمنية في الثورة ينتابنا اليوم». البعداني التي سقط شقيقها برصاص قناصة صالح في شهر نيسان (أبريل) الماضي، تؤكد أن هذه الجائزة دليل إضافي على «أننا اقتربنا من قطاف ثمار
نضالنا».
أمّا الأستاذة الجامعية إنتصار خالد، فرأت أن فوز توكل كرمان بـ«جائزة نوبل للسلام» سيكون له انعكاس إيجابي من خلال تسليط الضوء على «ثورة الشباب» وعلى وضع المرأة اليمنية على حد سواء. وتضيف أن «الإعلام العالمي سيكون مضطراً للبحث عن جذور البلد الذي أتت منه توكل كرمان... أشعر بأننا لن نكون وحدنا بعد اليوم». باختصار، يبدو أن الناشطين اليمنيين أدركوا أن «هذه المرأة أعادت اليمن إلى خريطة العالم» وفق العبارة التي انتشرت أمس على موقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً على موقعَي فايسبوك وتويتر. ورأى الناشطون الإلكترونيون أنّ توكل كرمان أو «زهرة تعز» كما لقبها أحدهم، غيّرت مسار الثورة اليمنية «اليوم، لم يعد باستطاعة علي عبد الله صالح تجاهلنا، ولم يعد بوسع العالم كلّه إدارة ظهره لمطالبنا... لقد فزنا بجائزة نوبل، ساحة التغيير فازت بجائزة نوبل». وبالفعل ارتدت هذه الساحة أمس حلة الانتصار: أناشيد وطنية، وتبادل للتهاني بين المعتصمين. هكذا ظهرت الساحة ساحة عرس حقيقي، كمشاركٍ فعلي بالجائزة. وهو ما أكّده الشاب يحيى المطري الذي أشار إلى أن «توكل تقيم في خيمة داخل هذه الساحة، وهي خيمة لا تبعد سوى أمتار قليلة من المنصة الرئيسية المركزية، وهو ما يدل على أنها كانت من أوائل الذين نزلوا للاعتصام مع الشباب المطالبين برحيل الرئيس علي عبد الله صالح ونظامه».
ولم يكن احتفاء الإعلام المستقل والحزبي مفاجئاً، فقدّم تغطية شاملة ومستمرة منذ اللحظات الأولى لإعلان خبر فوز توكل كرمان بالجائزة. وقد عمل هذا الإعلام عبر مواقعه الإخبارية التفاعلية على نشر كل جديد، وكل تصريح محلي أو دولي يتعلّق بالحدث.
أمّا في المقلب الآخر، أي في وسائل الإعلام الرسمية، فبدا المشهد مختلفاً تماماً، وانقسم بين تجاهل تام للخبر في إذاعتَي صنعاء وعدن الرئيسيتين، وفي المواقع الإخبارية التابعة لـ«حزب المؤتمر الشعبي العام» الحاكم. أمّا فضائية «اليمن» الرسمية ففتحت هواءها لاستقبال ضيوف كالوا الشتائم للمناضلة والصحافية اليمنية، واصفين الجائزة بـ... «الصهيونية واللا أخلاقية، وقد أُعطيت لـ (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق) شمعون بيريز من قبل». وهو الأمر الذي علّق عليه الصحافي المستقل عبد القادر العبسي قائلاً: «لقد فازت اليمنية توكل كرمان بـ«جائزة نوبل للسلام» وهو خبر عظيم لكل اليمنيين، لكنه سيكون يوماً حزيناً للرئيس علي عبد الله صالح ونظامه»، مضيفاً: «إنهم يتعاملون مع الخبر وكأن الفائزة ليست مواطنة يمنية بل مخلوقة مقبلة من كوكب آخر».