افتتح الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قاعدة دائمة لبلاده في أبو ظبي، مكرّساً حضوراً فرنسياً استراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط ومتعهداً بحفظ «أمن الإمارات»، بمحاذاة إيران التي حذرت من أن إنشاء تلك القاعدة يزعزع استقرار المنطقة ويُبعد فرنسا عن «الاعتدال».و«معسكر السلام» هي أول قاعدة لفرنسا في الشرق الأوسط، وأول قاعدة تنشئها منذ استقلال مستعمراتها في أفريقيا. وستؤوي أكثر من 400 عسكري في ثلاثة مواقع: قاعدة بحرية في ميناء أبو ظبي، وقاعدة جوية ستكون مقراً لثلاث مقاتلات على الأقل، إضافة إلى معسكر للتدريب على القتال في المدن والمناطق الصحراوية. ويتمحور الهدف الأساسي للقاعدة حول تقديم الدعم اللوجستي للسفن التي تعبر مضيق هرمز.
واعتبر ساركوزي أن الانتشار الفرنسي في الشرق الأوسط يجسّد «المسؤوليات التي تنوي فرنسا، وهي قوة عالمية، تحمّلها إلى جانب شركائها المميّزين في هذه المنطقة الحيوية». وأكد أن بلاده مصمّمة على الوقوف إلى جانب «أصدقائها الإماراتيين لتحقيق أمنهم، فالصديق وقت الضيق».
وحاول الرئيس الفرنسي طمأنة طهران من خلال الإشارة إلى أن «إقامة القاعدة الفرنسية الدائمة في أبو ظبي لا يستهدف أحداً». وقال «الكل يعلم أن فرنسا تسعى في كل مكان إلى تغليب الحلول السلمية».
لكن إيران حذرت الإمارات من منح قاعدة عسكرية لفرنسا، ورأت أن هذا الإجراء لا يخدم أمن المنطقة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، حسن قشقاوي، إن «فرنسا ابتعدت عن سياسة الاعتدال». وأوضح أن «تعزيز العسكريتاريا في المنطقة ووجود قوى من خارج الإقليم يؤديان إلى هشاشة الأمن والاستقرار في المنطقة، ويجر عملياً إلى سباق تسلح». واتهم بعض الدول بالسعي «لتصوير المنطقة بأنها غير آمنة، وذلك من أجل رفع مبيعاتها من السلاح أكثر فأكثر، وخاصة مع الأزمة المالية الموجودة، ولأن فرنسا تعاني من مشكلات اقتصادية حادة». ودعا «دول المنطقة إلى عدم السماح للشركات العسكرية الغربية المفلسة، بأن تحيي مطامعها من خلال التمسك بالذرائع الواهية».
وبحث ساركوزي، خلال زيارته، مع رئيس دولة الإمارات، خليفة بن زايد آل نهيان، الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، فضلاً عن العلاقات الاقتصادية. وانتهز فرصة زيارته هذه، برفقة عدد من كبار أرباب الشركات الفرنسية، لدعم التحالف الفرنسي الساعي إلى تزويد الإمارات بمفاعلات نووية من الجيل الجديد.
وتبذل فرنسا أيضاً جهوداً حثيثة لتزويد الإمارات بمقاتلات «رافال» لتحل مكان طائرات «ميراج 2000» التي ترغب الإمارات باستبدالها. وقال وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، إن المفاوضات مع الفرنسيين حول شراء مقاتلات «رافال» سجّلت «تقدماً إيجابياً خلال زيارة ساركوزي إلى أبو ظبي». وجدّدت فرنسا والإمارات الاتفاقية الأمنية التي تجمعهما منذ 1995.
وقُبيل وصوله إلى الإمارات، أدلى الرئيس الفرنسي بتصريحات لوكالة أنباء الإمارات تطرق خلالها إلى الصراع العربي الإسرائيلي. وقال إن إقامة الدولة الفلسطينية تمثّل الضمانة الأفضل لأمن إسرائيل، مجدداً الدعوة إلى وقف الاستيطان. وقال «أفضل ضمانة لأمن إسرائيل تكمن في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وحديثة وديموقراطية وقابلة للحياة، ويجب وقف الاستيطان الذي يبعد إمكانيّة السلام كل يوم كثيراً جداً».
(أ ف ب، يو بي آي)