موسكو ــ حبيب فوعانيوقد تحول مدفيديف في الأسابيع الأخيرة إلى شخصية أكثر حرية. ولاحظ المراقبون ظهور اختلاف، ليس فقط في الأسلوب مع بوتين، بل في المضمون من خلال تصريحاته. فقد رفض توقيع مشروع قانون يوسع مفهوم الخيانة العظمى، وأحيا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان المعطل، ودعا إلى تحسين ظروف الاعتقال في السجون الروسية المكتظة، ودان الوتيرة البطيئة لتعميم التقنية الإلكترونية وتطوير «المجتمع المعلوماتي»، واقترح خفض حاجز النسبة المئوية لدخول البرلمان، وجدد الموقع الإلكتروني للكرملين، وبدأ سلسلة مقابلات تلفزيونية أسبوعية يجري مقارنتها «بأحاديث الموقد»، التي اشتهر بها الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت.
بيد أن الخبراء يرون أن تمرد مدفيديف على بوتين مستحيل، وأن خطواته الأخيرة ليست إلا محاولة لنيل رضى الإعلام الغربي، وأن الزعيمين يمارسان دورَي الشرطي الطيب والشرطي الشرير.
ويجب القول إن الأزمة الاقتصادية والمالية، التي أرخت بظلالها على حين غرة على روسيا، بدأت تُظهر حجم التباين بين مصالح فريقي مدفيديف وبوتين.
ويقول المحلّل البريطاني المختص بشؤون الكرملين، جون هيلمر، إن «النزاع الآن يدور حول مصير موجودات مالك حزمة الأسهم المسيطرة على الشركة الروسية الثانية لإنتاج الألمنيوم في العالم، روسال، وقطب الألمونيوم أوليغ ديريباسكا، الذي فقد 18 مليار دولار في الأزمة المالية». ويؤكد أن «جناح رئيس الوزراء ونائبه القوي، إيغور سيتشين، يرى أن أسهم ديريباسكا يجب أن تعاد إلى الدولة. في المقابل، يرى الجناح الذي يرأسه مدفيديف ونائب رئيس الوزراء الليبرالي، إيغور شوفالوف، أن مثل هذه الخطوة مضرة بالاقتصاد». ويحذر هيلمر من «انتقال الصراع إلى المصارف، التي يرتبط بعضها بهذا الفريق أو ذاك، ما يمكن أن يحولها إلى ساحة وغى».
في شهر آب الماضي، كان الخلاف بين رجال الاستخبارات الملتفين حول سيتشين والتكنوقراط المتجمعين حول مدفيديف على «كيفية إقامة العلاقات مع رجال المال والأعمال؟». أما اليوم، فالسؤال هو: «هل سيستطيع المعسكران تسوية خلافاتهما أم أنها ستتصاعد مع تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية؟».