اتّهم بوش وتشيني بتبديد ما بنته الأجيال الأميركية، وتعهّد إنهاء الاعتماد على النفط العربي خلال 10 سنوات محمد سعيد حاول المرشح الديموقراطي باراك أوباما، في خطاب مشحون بالانتقادات للإدارة الأميركيّة الحاليّة، أن يتفرّد بطروحاته ويعطي الطبقة الفقيرة بعض الأمل مع إصراره على تصحيح أخطاء السياسة الخارجية
شدّد المرشّح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية، باراك أوباما، في خطاب قبوله ترشيح الحزب له رسمياً لهذه الانتخابات التي ستجرى يوم الرابع من تشرين الثاني المقبل، على أنها ستكون فرصة التغيير بعدما تعرّض «الوعد» الأميركي للخطر طوال 232 عاماً. ورأى أن ثمانية أعوام من حكم الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني «تكفي».
وألقى أوباما خطابه في أحد أكبر ملاعب مدينة دنفر في ولاية كولورادو بحضور نحو 90 ألف شخص، في غياب منافسته السابقة هيلاري كلينتون وزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون. لكن هذا لم يمنعه من الثناء عليهما، إذ وصف هيلاري بأنها «بطلة للأميركيين الكادحين وملهمة لبناته». كذلك أثنى على خطاب زوجها بيل الذي قال إنه «دافع عن التغيير بأفضل ما يدافع عن نفسه». وأشاد أوباما بنائبه جوزف بايدن الذي وصفه بأنه واحد من أفضل الساسة في هذا العصر، وأثنى على زوجته ميشيل وبناته الاثنتين ساشا وماليا.
وقال أوباما: «نجتمع اليوم في أكثر الأوقات حسماً في تاريخنا، في الوقت الذي تخوض فيه أمتنا حرباً، واقتصادنا مضطرب والوعد الأميركي يتعرّض للتهديد كل يوم»، مؤكداً أن «الفشل في التعامل مع هذه التحديّات هو نتيجة مباشرة للسياسات المعيبة التي يتبناها جورج بوش». وقال إن «أميركا تستحق أن تكون أفضل مما كانت عليه خلال هذه السنوات الثماني».
وشن أوباما هجوماً ضارياً على السياسات الاقتصادية لمنافسه جون ماكاين، وعلى «حال التغيّب عن مشاكل الأميركيين التي يعانيها، لدرجة أنه يعرف أصحاب الدخل المتوسط أنهم أولئك الذين يكسبون أقل من 5 ملايين دولار في العام». وقال أوباما إن «هذا لا يعود إلى عدم اكتراث ماكاين، لكن بالأحرى إلى أنه لا يستوعب».
وقال أوباما إن «ماكاين ظل على مدى عقدين من الزمن يسهم في فلسفة الجمهوريين المجردة من الصدقية، ثم يتمنّى أن يعمّ الرخاء على الجميع»، مضيفاً أن «الوقت حان كي يحتفظ الجمهوريون بفشلهم وحان كي نغير أميركا».
وأضاف أوباما أن التغيير الذي يعنيه كرئيس هو «وضع قانون للضرائب لا يكافئ أصحاب المصالح الخاصة والمروجين لهم، بل يكافئ العمال الأميركيين»، مشيراً إلى أنه سيخفض الضرائب على 95 في المئة من الأسر العاملة. وتعهد أن ينهي اعتماد البلاد على نفط الشرق الأوسط خلال عشر سنوات، مشيراً إلى أن «واشنطن تتحدّث منذ 30 عاماً عن إدمان البلاد النفط الأجنبي، وخاصة المستورد من المنطقة العربية. وكان جون ماكاين موجوداً لمدة 26 عاماً من هذه الفترة وعارض خلالها وضع معايير أعلى لكفاءة استهلاك السيارات للوقود، وعارض الاستثمار في الطاقة المتجددة حتى أصبحت البلاد تستورد اليوم ثلاثة أضعاف ما كانت تستورده من النفط حينما دخل ماكاين الكونغرس».
وقال أوباما إنه سيراجع «الميزانية الفدرالية سطراً بسطر ويلغي كل البرامج التي أثبتت فشلها ويدعم تلك التي يحتاج إليها الناس وتقل تكاليفها، لأنه لا يمكن أن يواجه القرن الحادي والعشرين ببيروقراطية القرن العشرين».
كما تطرّق أوباما إلى السياسة الخارجية، حيث تحدّى منافسه ماكاين في من هو الأقدر على أن يجعل أميركا أكثر أمناً وعلى أن يعتلي منصب القائد العام للقوات الأميركية بكفاءة، معلناً استعداده لمناظرته في هذا الأمر. وهاجم أوباما مواقف ماكاين من حرب بلاد الرافدين وتأييده لبوش في تشتيت القوات من أفغانستان إلى العراق، وسخر من إعلان ماكاين عن «استعداده لتعقب أسامة بن لادن حتى أبواب جهنم، في حين أنه لم يستطع أن يقترب من الكهف الذي كان يعيش فيه الأخير».
واتهم أوباما إدارة بوش ـــــ تشيني «بتبديد ما بناه أجيال من الأميركيين»، فيما تعهّد «إعادة ما هدم». وأضاف أنه «كقائد عام لن أتردد أبداً في الدفاع عن هذه الأمة، لكني لن أرسل القوات إلى مواطن الخطر إلا برسالة ومهمة واضحة».
وتعهد أوباما أن ينهي الحرب في العراق «بطريقة مسؤولة» وأن ينتهي من قتال «القاعدة» وطالبان في أفغانستان وإعادة بناء الجيش ليواجه صراعات المستقبل، لكنه أكد أيضاً أنه سيجدد الدبلوماسية الصارمة والمباشرة التي يمكن أن تمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية وتحجّم الاعتداءات الروسية. وأضاف أنه سيبني شراكات جديدة للتغلب على تهديدات القرن الحادي والعشرين من الإرهاب والانتشار النووي والفقر والإبادة الجماعية والتغيير المناخي والمرض.
وأكد أوباما أن «ما فقده الأميركيون خلال السنوات الثماني الماضية ليس فقط أموالاً ووظائف وعجزاً تجارياً، بل أيضاً الإحساس بوحدة الهدف الأسمى»، مشيراً إلى أن هذا هو ما سيعمل على استعادته.
في المقابل، سارع ماكاين إلى الرد على خطاب أوباما، واصفاً إياه بالخادع. وقال المتحدث باسمه، تاكر باوندز، في بيان نشر مباشرة بعد خطاب المرشح الديموقراطي: «هذا المساء استمع الأميركيون إلى خطاب خادع في تناقض جوهري مع الأداء الهزيل لباراك أوباما»، مضيفاً أن «باراك أوباما ما زال غير مهيأ لأن يصبح رئيساً، ذلك لم يتبدّل».
وفي السياق، اختار ماكاين حاكمة ألاسكا سارة بالين (44 سنة) مرشحة لمنصب نائب الرئيس.