تعرّض رئيس الوزراء نوري المالكي، و«الائتلاف العراقي الموحّد» الحاكم، إلى ضربة جديدة أمس، بعدما تأكّد عزم رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري، على خوض انتخابات المحافظات المقبلة بشكل منفصل عن «حزب الدعوة»، فيما شهدت مدينة الصدر «ليلاً طبيعياً» لم يدم سوى ساعات
بغداد ـــ الأخبار

أكّدت مصادر في مفوّضية الانتخابات العراقية، التي تتمثّل مهمّتها في تنظيم انتخابات المحافظات المقبلة في تشرين الأوّل المقبل، أنّ النائب فالح الفيّاض، المقرَّب من الجعفري، سجّل لديها كياناً سياسياً منفصلاً عن حزب الدعوة، باسم «تيّار الإصلاح الوطني»، يهدف إلى خوض عملية الاقتراع هذه.
وكشف حزب «أنصار الدعوة»، على لسان رئيسه مازن مكية، أنّ «الجعفري دعاه إلى الائتلاف معه في تيار الإصلاح الوطني الذي أسّسه وسيشارك من خلاله في انتخابات مجالس المحافظات»، التي من المتوقَّع أن تعيد رسم خريطة الأحجام والتحالفات والسياسية على الساحة العراقيّة.
وشدّد مكية على أنّ «حزب الدعوة الإسلامية، جناح الجعفري، سيكون قوة من ضمن التيار، والجعفري ما زال ضمن الحزب، باعتباره شخصية اقترن اسمها بالحزب». وأشار مكية، الذي تنضوي حركته في تحالف يضمّ «مجلس إنقاذ الأنبار» وكبار مشايخ عشائر الدليم وشخصيات عشائرية وسياسية أخرى، إلى أنّه رغم أنّ تكتّله «ليس حاليّاً ضمن تيّار الجعفري»، إلا أنه «من الممكن أن يكون معه قبل الانتخابات أو بعده».
وكان رئيس «أنصار الدعوة»، انتقد في تصريحات سابقة أسلوب تشكيل «التيار الوطني للإصلاح»، على خلفية «التصرفات والتحركات الفردية»، التي حصلت «من دون التشاور مع الأطراف الأخرى».
على صعيد آخر، اتهمت الكتلة البرلمانية لحزب «الفضيلة» الإسلامي، الحكومة بعدم وجود نيّة جدية لديها لإجراء تعديلات وزارية وضمّ الكتل السياسية الأخرى إليها، ومنها كتلة الفضيلة، التي انسحبت من الائتلاف في العام الماضي.
وقال رئيس الكتلة النائب حسن الشمري إنّ «رئيس الجمهورية جلال الطالباني، لم يواصل محادثاته مع الحزب بغية وضع خيارات المشاركة في التشكيلة الوزارية، ما أبقى موقف الحزب مع الحكومة في حالة من الجمود المستمر». وأضاف أن «رئاسة الوزراء، بعد توقف رئيس الجمهورية عن الحديث مع الفضيلة، لم تتكلم لغاية الآن بشكل مباشر، ما يدفع الحزب إلى الاعتقاد بأنّ الحكومة لا تزال على عدم جديتها بخصوص عودة حزب الفضيلة إلى الحكومة».
وكان الشمري أشار في وقت سابق إلى أنّ «الحكومة العراقية تكتفي بالخطاب الإعلامي الذي ينادي بضرورة المشاركة، حتى تنقل الكرة لملعب حزب الفضيلة، وذلك لإيصال رسالة وهمية إلى القواعد الشعبية، مفادها أنّ كل ما يقوله الحزب من عدم وجود شراكة وإقصاء، غير حقيقي». ولفت إلى إمكان «ائتلاف الحزب مع جهات برلمانية أخرى في حال حصول انسجام في البرامج السياسية وآليات العمل التي تحملها هذه الكتل، بشكل يؤدّي إلى توحيد المواقف والعمل بشكل جبهوي يضم حزب الفضيلة مع كتل أخرى في المرحلة المقبلة».
في هذا الوقت، أمضى أهالي مدينة الصدر أوّل من أمس، أوّل ليلة عادية لهم، بعد أكثر من خمسين يوماً من المجازر والقصف الأميركي للمدينة، حصد حياة أكثر من ألف شخص، وأصاب نحو ثلاثة آلاف بجروح.
وذكر مواطنون في المدينة، لـ«الأخبار»، أن «ليلة أوّل من أمس، كانت أوّل ليلة هادئة لم يسمع فيها دوي الانفجارات والقصف وإطلاق النار في عموم المدينة منذ الخامس والعشرين من شهر آذار الماضي»، تاريخ بدء الاشتباكات بين «جيش المهدي» وقوات الاحتلال والقوات العراقية كامتداد لحملة «صولة الفرسان». وتابعوا أنّه «من المتوقّع أن تدخل اتفاقية مدينة الصدر حيّز التنفيذ اليوم (أمس)، حسبما أعلن ذلك قادة في التيار الصدري، رغم أن القوات الأميركية ما زالت مستمرة في بناء الجدار العازل».
وذكر الشهود «أن القوات الأميركية استقدمت إلى المركز الأمني المشترك في المدينة أعداداً كبيرة من الكلاب البوليسية، استعداداً لعمليات التفتيش».
وكان المتحدث باسم السيد مقتدى الصدر، رئيس الوفد المفاوض بين التيار الصدري والائتلاف، الشيخ صلاح العبيدي، أكّد أنّ «القوات الأمنية العراقية ستدخل إلى مدينة الصدر بحسب الاتفاق، وقد أُبلغ أفراد جيش المهدي بعدم التعرض للقوات القادمة». غير أنّ يوم أمس كان دمويّاً، إذ قُتل سبعة أشخاص وأُصيب 19 خلال اشتباكات بين «جيش المهدي» وقوّات الأمن.
وفي محافظة نينوى، بدت مدينة الموصل وكأنها تعيش يوماً عادياً في جميع أحيائها وضواحيها، بعد يوم واحد من إعلان انتهاء عملية «زئير الأسد»، وانطلاق عملية «أمّ الربيعين»، لمحاربة مسلّحي «القاعدة».
وشهدت شوارع المدينة ازدحاماً نسبياً، عقب قرار رفع حظر سير المركبات بشكل جزئي، حيث اغتنم الموصليّون فرصة الهدوء النسبي، للتنقل والتبضّع وشراء المواد الغذائية، تحسباً لأي طارئ أمني.
وأفاد مواطنون بأنّ مدينتهم لم تشهد خلال الجولة الأولى من العملية العسكرية «زئير الأسد»، أيّة مواجهات مسلّحة أو هجوماً يستهدف القوى الأمنية، واستمرّ الهدوء نفسه بعد إعلان «أمّ الربيعين»، فيما أفادت مصادر أمنية عن اعتقال المئات من المشتبه فيهم في أنحاء مختلفة من المحافظة الشمالية.
وكانت الحملة حظيت باهتمام حكومي لافت، حيث احتشد الوزراء والمسؤولون والقادة العسكريّون في المدينة، «للإشراف مباشرة على العملية العسكرية»، بحسب التصريحات الرسمية، ومنهم رئيس الوزراء نفسه، بالإضافة إلى وزيري الداخلية والدفاع، جواد البولاني وعبد القادر العبيدي.
ميدانياً، شهدت بلاد الرافدين في اليومين الماضيين سلسلة تفجيرات أدت إلى سقوط نحو 37 قتيلاً، 25 منهم قتلوا في تفجير انتحاري استهدف جنازة، غرب بغداد، في وقت متأخر ليل أول من أمس.