رام الله ــ أحمد شاكر
تقدّم المفاوضات الفلسطينية بات محكوماً بمراحل «خريطة الطريق»، التي يبدو أن السلطة الفلسطينية بدأت بتطبيقها في الضفة الغربية، عبر اشتباكات مع مقاتلين في نابلس تحت عنوان «فرض الأمن»

أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، خلال لقائهما أمس في رام الله، عن «تقدّم» في مفاوضات إعداد وثيقة مشتركة تُعرض على المؤتمر الدولي، وأعربا عن أملهما في التوصّل إلى اتفاق سلام قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش مطلع عام 2009، فيما حذّر رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل من أن مؤتمر أنابوليس مقدّمة لحرب أميركية جديدة في المنطقة.
وقال عباس، في مؤتمر صحافي مشترك مع رايس في رام الله، «إن الأطراف الثلاثة، السلطة الوطنية وإسرائيل والولايات المتحدة، جادة في الوصول إلى حل للصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني قبل نهاية ولاية الرئيس جورج بوش». ورأى أن المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين «صعبة وستبقى صعبة حتى البدء بالتنفيذ، ولولا هذه المشجّعات التي تأتي من الإدارة الأميركية وحتى من الجانب الإسرائيلي لما واصلنا التفاوض».
وأشار عباس إلى «تقدم حاصل في التحضير لإطلاق مفاوضات الوضع النهائي في أنابوليس وتحويله مناسبة جدية لإطلاق عملية سلام ذات مغزى لتحقيق رؤية الدولتين». وقال: «نثّمن جهودهما (رايس وبوش) وإصرارهما على تحقيق السلام».
وأضاف عباس: «من السابق لأوانه القول ما هي الحلول، ولكن سنناقش القضايا كلها في أنابوليس، ونحن نعمل من أجل تحقيق ذلك، وهنالك التزامات متبادلة بموجب المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق، ونحن ندعمها ونعمل على تطبيقها، والإسرائيليون يقرّون بذلك أيضاً».
بدورها، رأت وزيرة الخارجية الأميركية أن مؤتمر أنابوليس «يمكن أن يعطي دفعاً للمفاوضات التي ننتظرها منذ زمن طويل، وهي مفاوضات آمل، كما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، أن تتمكن من تحقيق أهدافها» قبل نهاية ولاية الرئيس بوش. وقالت إن «الفشل ليس خيارنا، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وتطوير مؤسساتها الحكومية من مصلحة الولايات المتحدة، ونحن نعمل من أجلها»، مضيفة «نحن في مرحلة حساسة، ولقد أعجبت كثيراً بجدية الطرفين».
والتقت رايس في رام الله رئيس فريق المفاوضين الفلسطينيين أحمد قريع، ثم رئيس الوزراء سلام فياض، كلاً على حدة. وقال قريع، للصحافيين بعد الاجتماع، «تباحثنا بشأن المقوّمات الأساسية لإنجاح مؤتمر أنابوليس في الولايات المتحدة، وجرى حديث عن الشروع في إجراءات على الأرض لإشعار الناس بجدية المفاوضات». وأضاف: «نريد مجموعة إجراءات تشمل تخفيف الحواجز ووقف الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى، لأن هذه قضايا مهمة وتعطي ثقة وجدية متبادلة، وتخفف من الشكوك المتبادلة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي».
في هذا الوقت، قال أولمرت، أمام جمعية أرباب العمل الإسرائيليين في تل أبيب أمس، إنه «على استعداد لتقديم تنازلات، لأن الأمن يقوم على السلام، والسلام يتطلب تسويات مؤلمة»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تتحلى بالصبر، وهي قوية ومستعدة لمواجهة التحديات».
بدوره رأى مبعوث اللجنة الرباعية إلى الشرق الأوسط، طوني بلير، أن «ضمان أمن إسرائيل على المدى البعيد يتطلب إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة». وحثّ إسرائيل على إجراء «تحول نفسي من اللامبالاة والشك إزاء احتمالات حدوث تقدم مع الفلسطينيين إلى التصميم النشيط، لجعل ذلك يحدث بالشروط الصحيحة».
إلى ذلك، اتهم خالد مشعل الرئيس الفلسطيني بأنه يمهد لتقديم «تنازلات» بذهابه إلى مؤتمر أنابوليس. وقال: «لا أحد مفوّض إليه تقديم أي تنازلات أو النزول عن الموقف الفلسطيني المتفق عليه، أياً كان هذا الشخص».
وأضاف مشعل، في كلمة أمام «ملتقى المثقفين الفلسطينيين الوطنيين لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية» في دمشق، أن «الولايات المتحدة تريد من وراء مؤتمر أنابوليس، تكتيكياً، تعزيز الانقسام الفلسطيني، وإضعاف بنية الصمود الفلسطيني، واستنفاد المقاومة». وقال إن «المحافظين الجدد (في الولايات المتحدة) والمايسترو (نائب الرئيس الأميركي ديك) تشيني يعملون الآن على التحضير لعدوان على إيران، وربما سوريا، وربما غزة وحزب الله».
إلى ذلك، نفى مسؤول فلسطيني في مكتب عباس لـ «الأخبار» أن يكون الجانب الإسرائيلي قد أبلغ أبو مازن بأنه ينوي خلال أيّام الإفراج عن أسرى فلسطينيين، كبادرة حسن نية جديدة تجاه عباس.
وقال المسؤول إن «أبو مازن طلب من أولمرت الإفراج عن ألفي فلسطيني، لكن أولمرت رفض، مشيراً إلى أن هذا العدد كبير، وليس سهلاً إقراره في مجلس الوزراء الإسرائيلي، لكنه وعد عباس بدراسة الإفراج عن أسرى، من بينهم أسرى قدامى من حركة فتح».
وكانت صحيفة «هآرتس» قد أفادت بأن أولمرت ينوي الإفراج عن دفعة أخرى من الأسرى الفلسطينيين، كبادرة حسن نية، تمهيداً لانعقاد مؤتمر أنابوليس.
ميدانياً، اشتبكت قوات الأمن الفلسطينية مع مسلحين للمرة الأولى منذ انتشارها في مدينة نابلس، وفرضت حظراً للتجوال في مخيم بلاطة للاجئين، أثناء بحثها عن مسلحين شاركوا في تبادل لإطلاق النار، أصيب خلاله خمسة فلسطينيين، منهم اثنان من قوات الأمن.
وذكر مسؤول أمني فلسطيني أن المعارك نشبت بعدما لاحقت القوات مجموعة من المسلّحين كانوا يطلقون أعيرة نارية في الهواء.