قبل أيام، كشف الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، أن «الجانب الأميركي أرسل جواباً (غير معلن) يبدي فيه استعداده للانسحاب من العراق بعد 14 شهراً»، عازياً تأجيل عمليات المقاومة ضدّ القواعد العسكرية الأميركية إلى طلب «شخصيات سياسية عدة»، أبرزها زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، وزعيم «تحالف الفتح» هادي العامري. تصريحات الخزعلي، وهو قائد إحدى أبرز فصائل المقاومة، تعيد رسم حدود المواجهة السياسية - الميدانية المرتقبة، على النحو الآتي:1- فصائل المقاومة على أتمّ جهوزيّتها، لكن «ساعة الصفر» مرتبطة بالجهود الدبلوماسية، ونجاح الحكومة (الحالية أو المقبلة) في جدولة انسحاب قوات الاحتلال.
2- الأميركيون وضعوا «موعداً أولياً» للانسحاب، لكن - وفق التجربة - لا يمكن الوثوق بهم.
وفق معلومات حصلت عليها «الأخبار»، فقد أخطرت واشنطن بغداد بأنها تسعى إلى انسحاب «شبه كلّي»، ولكن بطريقة «تحفظ ماء الوجه... وغير مهينة»؛ وذلك بالإبقاء على بعض المستشارين في العراق، وإعادة التموضع في «إقليم كردستان» (يتمسّك الجانب الأميركي أيضاً بقاعدة عين الأسد الجوية غربي البلاد). كذلك، أبلغ الأميركيون، العراقيين، بأنهم يخشون هجمات صاروخية تستهدف قواعدهم، ولذا طلبوا الإذن بنصب منظومة «باتريوت» في محيط القواعد التي تشغلها قواتهم. كما وضعت الولايات المتحدة موعداً أولياً للانسحاب هو الـ20 من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، أي بعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
الموعد الأوّلي لانسحاب القوات الأميركية هو الـ20 من تشرين الثاني


هذه الرسائل ردّت عليها بغداد بتشديدها على ضرورة وضع جدولة للانسحاب، وإن بطريقة غير صاخبة، وأيضاً على إعادة النظر في الشقّ المتعلّق بالتعاون العسكري، عبر صيغة ما قد تكون توسيع الصلاحيات التدريبية لـ«حلف شمال الأطلسي» (الناتو)، على حساب «التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش» الذي تقوده واشنطن. وإذ رفض رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، أيّ حديث عن تنصيب واشنطن لـ«الباتريوت» (برز ذلك في رسالة وجّهها إلى وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، تنشر «الأخبار» نسخةً منها على موقعها الإلكتروني)، فقد حذر من أنه لن يكون بإمكان السلطات ضبط تحرّكات فصائل المقاومة إذا أصرّت القوات الأميركية على البقاء في البلاد.
في تعليقها على تلك الرسائل المتبادلة، ترى مصادر مطلعة على فحواها، في حديث إلى «الأخبار»، أن الفرصة ما زالت قائمة أمام الحكومة (الحالية أو المقبلة) لإثبات جدّيتها (وجدّية الأميركيين) في تنفيذ الانسحاب، منبّهة إلى أن الفصائل باتت جاهزة للدخول في حرب استنزاف مع الاحتلال، الأمر الذي كان أعلنه الأمين العام لـ«حركة النجباء»، أكرم الكعبي، نهاية الأسبوع الماضي. وفي هذا السياق، تفيد المعلومات بأن الصيف المقبل سيكون «قاسياً» على الأميركيين؛ فـ«المهلة الممنوحة» لهم قد تنتهي أواخر الربيع المقبل، وعليه فإن «ضربات موجعة» ستُوجّه ضدّهم. وهو ما يحسب له الاحتلال حساباً عالياً؛ إذ عمد إلى منع أيّ تنقّل برّي لقواته إلا في الحالات الاستثنائية، ووجّه بالاكتفاء بالانتقال الجوّي خوفاً من أيّ استهداف، خصوصاً وأن طبيعة انتشار القواعد الأميركية على طول الخارطة العراقية تجعل شاغليها أهدافاً سهلة للفصائل. وتلفت المصادر إلى أن «حرب الاستنزاف» هذه، سواءً في توقيتها أو هوية المشاركين فيها، هي رهن الحساب السياسي والميداني، مشيرة إلى أن ثمة قناعة - حالياً - بعدم إدخال «الحشد الشعبي» في المواجهة. أما في ما يتعلق بشكل الضربات، فثمة من يرتأي بأن يطال الردّ الأول على جريمة اغتيال القائدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني القاعدة الأميركية في مطار بغداد الدولي، والتي انطلقت منها الطائرة المسيّرة التي اغتالتهما، خصوصاً وأن الأميركيين يحاولون التعتيم على دورهم المشبوه في المطار ومحيطه، في ظلّ تقاعس أجهزة أمنية عدّة عن القيام بدورها، بل ومدّها القوات الأميركية بما تطلبه من معلومات.



وثيقة 2 | أنقر على الصورة لتكبيرها