اليوم وانا في فراشي بثلاثة اضلع مكسورة، وقعت عيني مصادفة على خبر رحيل فالح عبد الجبار. فالح المفكر الشهم المناضل صاحب أروع سيرة وانبلها لمثقف عراقي. ايقونة حقيقية ليس فقط لاجمل ما في العراق، بل وعد...
تراودني فكرة التساؤل عن مفارقات كتابية وقرائية صارخة: منها أن سقراط أشهر فيلسوف في التاريخ لم يترك كتاباً بل تناثرت أفكاره في كتب لاحقة أبرزها ما أورده أفلاطون... (ستعاد أمثولة سقراط في محاضرات سوسير...
في المشهد المقلوبِ ستارةٌتنزاحُ من تحت فإلى اليسار،أسيادٌ مشحّمون حديثاً، يبدأونرقصة سامبا بخطوة لماعة، ونساء يصفّقن بأيد نصف مستعارة، ويسكي كثير لا تخافوا، ولا تقربوا أيضاً،في المشهد المقلوبسبّاح...
في يوم ما عثرت على شاعر يكتب قصائد نثر طويلة ويلون لقالق الوهم في سجله الكبير قلت ربما سيرشق صاحبي قصائده الطويلة التي تخط خلفه مثل عباءة اميلكن الرجل واصل كتابة تلك القصائد وجمعها في برميلكان يدحرجه...
رجلي اليمنى، زميلتي في الألم، ثقيلةسوف اضع هذه الوديعة في مكانها وأرقص برجل واحدةمرحى يا الكسندر كلوجةالركبة أيضاً تقاتل وتتنزه في الغاباتوانت يا حارس المرمى بيتر هاندكه، ضع قليلا من الملح والقطنرجلي...
أنا حاولت، وما زلت أحاول، أن أقدم الواقع الفلسطيني الذي يمثل بنظري الواقع العربي كله. أقدم نماذجه البشرية بشكل واقعي، بلا هالات ولا أوهام ولا تصنُّع حتى يرى الناس فيها أنفسهم فيتعلموا، أو على الأقل...
* كان يكتبُ رسائلَ إلى نفسه التي لميعُد يراها إلا لماماً، هناك في الأعاليحيث تبركُ الأحجارُ كأشخاصٍ جمدوافي المكان، كأنما كانوا بانتظار الرسالة.يكتبها، فيما تمرقُ الغيومُ تحته، أو تبركُقليلاً، حتى...
الآباء الأسطوريون، مروا في الغابة بهدوء، لم يوقظوها، تركوها نائمة بين أطفالها، ومن حفيف صنادلهم، كان يُسمع صوت المواعيد والشاي المغلي في الأبريق الفرفوري النشط، وصوت النبيذ وهو يتخمر في دنان الفخار...
بيتك البعيد لا يرى من السهلبيتك الأعمى يقعي هناك بنافذتين تنظران إلى الأوديةولا تبصران السهلحيث ترعى الخيول الميتة من دون جلبةوحيث يسعى صوت المضغ البطيء في الينابيع المتوارية.ربما لهذا تتحدث في...
منذ عدة سنوات، في أزمنة منفاي على الساحل الكتلاني، سمعت تعليقاً مشجعاً من طفلة، في الثامنة أو التاسعة من عمرها. كان اسمها، إن لم تخني الذاكرة، سوليداد.كنت أتناول بضع كؤوس مع أبيها، وهو منفي أيضاً،...
أنا وبسام حجار كنا تقريبا في نفس الزاوية مع نفس الاشياء. بالطبع لم نكن شخصاً واحداً، لكنّ آخرين كانوا يضيعون بيننا. نحن لم نكن نضيع، لكن حاجتنا الى الاختلاف بقيت خافتة. كنا مختلفين لكن بدون صخب. كنا...
أدركتهُ عواصفُ الترابِ، حينما عادَلم يكن عندهُ وهمٌ، وأحلامُه أضاعهاجميعاً، كان يُسيّر نفسه، عسىتلوحُ له صورةُ الأسى، ذكرى عالمٍعاشه فيما مضى، كان يُدرّبُ نفسهعلى كلام العائدين، اعتذاراتهم، وكأنهُ لم...
للبيت حديقتان: واحدة أمامية مضيئة، وأخرى خلفية معتمة.ونحن نقضي وقتنا على مقاعد القش في الحديقة الأمامية، حيث «تتدلى العناقيد مثل ثريات من ذهب» فوق رؤوسنا. لا حاجة بنا للحديقة الخلفية. نتركها وراء...
لقد قتلتُ كلمات كثيرة، خنقتها بيدي حتى الموت، عوض أن أكتبها، مثّلت بها، قطّعت أطرافها، طمست وجوهها، سلخت بصماتها، حشوتها في أكياس سوداء، ورميتها على مراحل، في وديان المياه العادمة.كل مساء أجلس في...
أحلام مستغانمي أول كاتبة عربية في التاريخ تتحول حياتها الخاصة الى أخبار مدوية تشغل بال الملايين . ليس لأنها عبقرية ، بل لأننا أمة من القراء التي لا تحترم الحياة الخاصة ، لا تفصل بين الكاتب كفرد وكتبه...
فمي خسر أملاكَه كلَها ونظرتي إليكِ تتعذب كورق العشاق ، فقط أسمعُ من بعيدٍ رقرقةَ مائكِ ، كشريطٍ ناعمٍ يسقط من تسريحتكِ على كتفي، رنّي كأجراس كنيسة ، حتى تخاف يدي ولا تصل الى لؤلؤتكِ أيّتها المنْجَم....
لو حظيتُ بطفلة صغيرةكنت سأحذّرها من الرجال ذوي الأصابع الجميلة،لأنهم ماهرون في كل شيءحنى في رميك في لجة اللهب،لو حظيت بفتاة مثلككنت سأقول لها: اقتلي أباك ذا الأصابع الجميلة!هنادي زرقة
يجب أن أموت أنا، في مقبرة الانكليز بينما تمثالك في كلية اللغات وكتاب قصائدي وبطبعته الاخيرة الملونة يباع في الأكشاك الصغيرة * * * قلت لك سأسافر وأتذكر أنك كنت تقولين أرجوك لا تتأخر لكني تأخرتوها أنا...
مُراجعة كتاب قبل الطبع ليست مُراجعة صفحات وكلمات وعلامات ترقيم على الشاشة؛ إنها مراجعة لسنوات من حياتك. كيف بدأ الحلم، وكيف صدقته لأنك مخبول. لحظات الإلهام والاحباط وتغيير زاوية النظر والضياع أيضاً....
دخلتُ مرةً أحد المتاجر العتيقة في منطقة «كاياو» وسط مدينة مدريد لأشتري كوفيةً صوفية. كان المحل بخزاناته الخشبية البُنّية والأرفف الزجاجية باقياً من زمن آخر، صامداً بين المحال الحديثة للماركات...
* نصل البلاد السهلة، لا شيء روائياً حولها، تعيش دون قتلى تحت أشجار البساتين، دون ذكريات عن صراخ أحبة في معتقلات مرتجلة، الحكايات هنا مجرد صيد بليد لكاتب مبتدئ: نعم إنها تثلج من جديد..
سأظل وحيداً طيلة هذا النهار وأنا أكتب، والقطة ما تزال تموء قرب الباب، لذلك سأدخلها لتشاركني غدائي وشرابي، فمن الحمق أن يتغدى شخص وحده كسجين، ويشرب الويسكي وحده دون نديم.تعالي أيتها القطة المتشردة...
يوماً سوف أؤلف كتاباً عن فن إعداد الحقائب، وأعرف السخيف الذي سيبحث الآن في أمازون أو جوجول عن the art of packing، ولكن ما الجديد في أننا جميعاً مسبوقون إلى كل شيء؟ وجود المكان الذي نمضي إليه بحقائبنا...
أفكر أحياناً كم يسهل على الشخص عندنا أن يكون مختلفاً. ليس هناك من حدود لتفاهة وحقارة النموذج الدارج. إنه أيضاً تعسفي بحيث لا يقدر أحد على تمثّله. كل شخص منا يحمل بذرة اختلاف يخفيها لكي لا يتهمه أشخاص...
الاسلوب هو مَن يحدد نخبوية الشاعر ومهارته. الحب ـ مثلا ـ موضوع عام لكنه يصبح نخبويا عندما يتدخل الأسلوب الفاخر، غير أن التفاعل معه سيكون محدودا، لأن الذوق العام الفاسد لا يريد أن يتعب نفسه، فهو...
فرغت للتوّ من ترجمة آخر عبارة من المقالات التي اخترتها للطبيب وعالم النفس الشهير سيغموند فرويد والتي استقيتها من مصدرين، أحدهما كتاب قراءة Lesebuch أشرفت عليه ووضعت حواشيه أستاذة علم النفس الطبّي في...
كلّ هؤلاء على العين والرأس: بروست، جيمس جويس، كافكا، كونراد، سيلين، هنري جيمس، موزيل، فولكنر، نابوكوف، هيمنغواي، اراغون، غارسيا ماركيز، سكورزا، باستوس، فارغاس يوسا، إلخ...والسابقون من الروائيّين...
ذلك المجتمع الثقافي ليس مثالياً، لكن نستطيع أن نغفر له عجزه وهامشيته. لا نستطيع أن نكرهه بالنيابة عن الجميع وأحياناً بالنيابة عن أنفسنا. كل جريدة تعلق أو ملحق يُستغنى عنه هما مزيد من الإذلال والتصغي....
نلتقي بعضَ الأشخاص كأنّنا داخل مكتبة حيّة، أو أمام كُتُب مفتوحة على أجمل صفحاتها. هكذا أشعر كلّما التقيتُ المستعرب الفرنسي أندريه ميكيل...التقيته، المرّة الأولى، في "مكتبة فرنسا الوطنية" يوم كان...
ما يجب أن تفهمه السعودية (وكل الدول الاستبدادية المتخلفة) وتبحث فيه داخل المحاكم، بفقهائها وفتاواها ليس هو: هل أشرف فياض ملحد؟ أم لا؟ بل هل هي دولة إرهابية أم لا؟ فسواء كان أشرف فياض ملحدا أم مسلما،...
شيئان يتضخّمان بسرعة: الأنا الأدبيّة (والفنّيّة) العربيّة وغدّة البروستات. بيدَ أنّ الثانية أرحم لأنّها من خصائص الذكور دون الإناث، ولأنّها، أيضاً، لا تبدأ بالتضخّم إلّا في كهولتهم!