بناء على «رغبة» مصرف لبنان وحاكمه، خرجت لائحة الأدوية التي تصرف من دون وصفة طبية (otc) والمضادات الحيوية والمسكنات التي تستخدم لمراتٍ قليلة خلال العام (acute) من حلقة الدعم. يومذاك، أعدّت وزارة الصحة العامة لائحة تتضمن ما يقرب من 3 آلاف و500 دواء، وانتقلت بها من مرحلة الدعم على أساس سعر الصرف الرسمي (1507 ليرات) إلى مرحلة ما بعده. مع ذلك، لم تأتِ مرحلة التحرّر من الدعم دفعة واحدة، إذ عملت وزارة الصحة على إصدار مؤشر أسعارٍ، حدّد بموجبه سعر صرف الدولار الأميركي لتلك الأدوية - استثنائياً - بنسبة 80% من سعر الصرف المتداول في السوق الموازية، على أن يلحق هذا السعر «تعديلات قد تأتي كل أسبوعين أو كلما دعت الحاجة لذلك (...) لا سيما عند تغيّر سعر الصرف بنسبة تفوق 10% صعوداً أو نزولاً»، على ما نص القرار الذي جعلته وزارة الصحة سارياً حتى نهاية العام الجاري. عملياً، واستناداً إلى هذا المؤشر، سُعّر الدواء بأقل من 20% من أسعار الصرف في السوق الموازية.في عهد الوزير السابق، حمد حسن، صدر مؤشر واحد للأسعار تلاه التحضير لمؤشرٍ ثانٍ صدر في عهد الوزير الحالي، فراس أبيض، ثم توالى صدور المؤشرات. وفي الآونة الأخيرة، ومع انفلات سعر الدولار، يجري التداول بصدور المؤشر أسبوعياً وحتى نهاية العام: «كل اثنين»، على ما تقول المصادر.
يتخوف الصيادلة مما سيفعله المستوردون، إذ سيؤجلون الطلبيات إلى حين صدور المؤشر كي يبيعوا بالسعر الأعلى


في المبدأ، تنتهي مفاعيل مؤشر الأسعار مع بداية العام المقبل، وإن كان ذلك لا يمنع الوزير أبيض من تجديده... إن أراد. لكن، على ما يبدو وبحسب المعطيات، فإن الوزير الحالي «لا ينوي تجديد هذا القرار» انطلاقاً مما يلمسه من تململٍ لدى المستوردين، الذين أعلنوا مراراً أنهم لن يحملوا تلك الـ20% بعد الآن. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الوزير أبيض سيحرّر سعر الأدوية غير المدعومة بالكامل، أي بتعبيرٍ آخر «دولرتها»! وهكذا، يصدر المؤشر الأسبوعي - كل اثنين - بالسعر «الرسمي» للسوق «السوداء». وهذا ليس تفصيلاً عابراً، فسعر الدواء سيرتفع تلقائياً 20%، بصرف النظر عن سعر صرف الدولار الأميركي. بالأرقام، يعني ذلك أن سعر قارورة «البانادول» للأطفال، والذي بدأ بالمؤشر بسعر 25 ألفاً ثم انتقل لسعر 45 ألفاً وقبل أيام إلى 88 ألفاً، سيصبح بعد مرحلة التحرّر من القرار إلى 114 ألف ليرة لبنانية، وفق السعر الحالي للدولار، والمرشح للارتفاع... وقس على ذلك.
صحيح أن تلك الأدوية خرجت من الدعم، إلا أن للـ20% التي تركت بمثابة «النفس» لليوم، سيحرم منها هؤلاء اليوم وسيدفعونها لجيوب المستوردين بمعية وزارة الصحة العامة. أما الأمر الآخر الذي سيحدث، فهو أن ابتزاز الشركات لن ينتهي بانتهاء قرار حسن، إذ يتخوف الصيادلة «مما سيفعله المستوردون، إذ سيؤجلون الطلبيات إلى حين صدور المؤشر كي يبيعوا بالسعر الأعلى».
ولئن كان الوزير أبيض يراهن على أن الشركات قد تسلك طريق التخفيض في الأسعار، عندما يخفّ استهلاك الأدوية، إلا أن ما فات الوزير أن الشركات لن تبادر إلى هذا التخفيض، وفي حال المبادرة، فلن يكون ذلك تلقائياً، إذ يلزمها القانون «بالتقدم إلى الوزارة بطلب تخفيض أسعار»، فهل ستخوص تلك المغامرة؟