عندما يقدّم أعضاء فرقة «المربّع» الأردنيّة أنفسهم على أنّهم «نافذة يرون من خلالها أشياء يريدون التعبير عنها»، فهذا كلام تسويقي، لا يشبه الموسيقى التي يقدّمونها، وقد سمعناها أخيراً ضمن «مهرجان موسيقى البلد» في عمان. لا يرى طارق أبو كويك ومحمد عبد الله وعدي وضرار شواقفة أنفسهم على أنهم ثوريون بما فيه الكفاية. منذ تأسيس فرقتهم عام 2009، استغلّت «المربّع» فتور المشهد الموسيقي المستقل وتراجعه بنحو حاد ـــــ بعدما شهد أفضل سنواته في 2007 و2008 ـــــ من خلال التعويل على نجوميّة طارق أبو كويك (غيتار وكلمات وغناء وتوزيع وإيقاع)، الناشط في أكثر من فرقة، وبوصفه موسيقيّ صولو حمل اسم «الفرعي». لكن الفرقة حملت أكثر من بعد على مستويات اللحن والكلمات وحتى الكاريزما المتنوّعة. في شكلها والأسلوب الذي تقدّم به نفسها، تشبه «المربّع» إلى حد كبير فرق روك «الكراجات» التي نشأت في الثمانينيّات في أميركا.
عناصر هذه الفرقة تبدو واضحة في أسلوب الارتجال الواضح: التراخي في إصدار أسطوانتها الأولى، والتركيز على ثقافة الاحتجاج، والاعتماد كليّاً على الغيتارات والدرامز، وأصوات أبو كويك ومحمد عبد الله غير المبالية والمتقشّفة، والمحاولات الواضحة لإقصاء كل التأثيرات الموسيقيّة، عالميّة أو مناطقيّة أو محليّة. ثم السير ببطء نحو خلق صوت متفرّد.
وهذا ما نجحت به الفرقة حتى الآن. إذ لا تشبه موسيقاها ما يقدّمه آخرون على الساحة الأردنيّة على الأقل. أما ما يميّزها، فهو الكلمات الشعريّة التي لا يمكن وصفها بأنها آتية من الشارع مباشرة، بل معجونة باحتجاج واعٍ سياسي واجتماعي وحتى أيديولوجيّ، كما في «تحت الأرض»: «الحرية مبيوعة، الناس ما بتوعى، كل واحد سكين بيطعن بأصله، كل ما بيخف في صوت بيندهله»، أو في «محمود ورا الشيك»: «والغاز تغلّى وتخصخص وانت ما عندك خبر، والقدس تتحرر وتتطهّر وانت بعد تعبد بالنار». أيضاً، تشبه الكلمات إلى حد ما المداخل الطلليّة للشّعر الجاهليّ: مخاطبة الحبيب كما في أغنية «بغنيك» والصديق في «يورانيوم مخضّب».
العنصر المهم الآخر هو البعد الذي يوفّره عدي شواقفة بغيتاره من خلال حضور موسيقى الـAmbient التي تبنى عليها وحولها موسيقى البوست ـــــ روك. ولو وضعنا «المربّع» على مسرح أي حانة في موطئ البوست ـــــ روك الأصلي في مونتريال، فسنجد أن الفرقة على مستوى واحد مع الفرق الأخرى.
الملاحظات هنا على الفرقة قليلة، لكنها تأتي في صلب عملها. عليها الآن استغلال نجوميّتها، وإدراك أنّها ثوريّة بما فيه الكفاية لتدفع بالكلمات إلى حدّها الأقصى، واقتناص فرصة نادرة تضعها في صلب الحراك السياسي في الأردن.