يوم الجمعة الماضي، أصدر «المجلس الوطني للإعلام» تقريره حول التراخيص الممنوحة للمؤسسات المرئية والمسموعة، مفنِّداً أداء المؤسسات المرئية، على أن يخصّ تلك المسموعة في تقريره المقبل. التقرير الذي نشرته «الوكالة الوطنية للإعلام» تضمنّ تقويماً عاماً للأداء مع تفنيد ثلاث نقاط أهمها: سوء استخدام النقل المباشر الذي بات يصنع الحدث ولا ينقله، والإثارة المفتعلة من قبل مقدمات نشرات الأخبار. أما النقطة الثالثة، فركّزت على برامج الحوارات السياسية التي تحولت الى «ميدان للتشهير وللتحريض». للمرة الأولى ربما، أنهى التقرير باستشهاده ببرنامج DNA اليومي الذي تعرضه «المستقبل» بوصفه برنامجاً «يخرج عن تقاليد البرامج ومفهوم التعليق السياسي (..) وهو يمثل مساحة سياسية أحادية مكرسة لحملات التشهير والتحريض». إلا أنّ هذا الجزء الذي يتعلّق ببرنامج نديم قطيش سرعان ما سُحب من التقرير بطلب من رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ، بعدما قيل إنّه سُرّب من التقرير المتعلق بتقويم أداء المحطات التلفزيونية الذي يوّزع فقط على المؤسسات، ولا يدخُل ضمن التقرير المتوجه الى الرأي العام.
هذا الجزء بالتحديد أثار ثائرة مقدم ومعدّ البرنامج نديم قطيش، الذي خصص حلقته أول من أمس للهجوم على المجلس بطريقة ساخرة ومتحدّية. قطيش الذي يعرّف عن نفسه على تويتر بأنّه «خبير في شؤون الشرق الأوسط وإيران» عنون حلقته بـ «الرد... محفوظ» وتبعته الصفحة الرسمية للقناة على فايسبوك بـ «هكذا عرّى نديم قطيش المجلس الوطني للإعلام». استهل قطيش حلقته بتحدّ وعنجهية قائلاً «حلقة جديدة من التحريض والشتائم ومن الأحادية والقدح والذم متل ما عودناكم دايماً». وعلى موجة السخرية والسقف المرتفع نفسيهما، هزئ قطيش من المجلس الذي «تصل رواتب موظفيه الى 240 الف دولار سنوياً»، ويمكن ــ بحسب رأيه ــ تحويل هذا المبلغ الى منح تُعطى الى 20 طالباً متفوقاً. وعرض قطيش الفيديو الذي قرأ فيه محفوظ مقررات المجلس الذي بيّن أنّه ضمّ حرفياً الجزء الأخير من التقرير الذي يتعلّق ببرنامج قطيش، لكن مع عدم تسمية البرنامج. هكذا خصّص قطيش 8 دقائق من البرنامج للسخرية وللتحدي متوجهاً الى محفوظ بالقول «أتحداك أن ترفع توصية بوقف البرنامج». وأكمل استهزاءه في نهاية حديثه عن المجلس من خلال الاستشهاد بمقاطع لعضو «المجلس الوطني للإعلام» غالب قنديل على قناة «المنار» حيث كرّر مرات عدة ألفاظاً ومفردات خارجة على اللغة الحوارية، وتحديداً حين وصف ملوك الخليج وأمراءه بـ «ممالك النعاج»، وحديثه عن «ثقافة النعاج». وظّف قطيش هذه الحادثة في خدمة سخريته قائلاً «دعونا نتعلم من تهذيب ورصانة وتحليل المجلس».
في المقابل، نفى عبد الهادي محفوظ لـ «الأخبار» أن يكون قد ورد برنامج قطيش في التقرير، موضحاً أنه جرى تسريب هذه المعلومة من التقرير السياسي المخصّص للمؤسسات التلفزيونية فقط. وبطريقة استباقية كرر محفوظ عدم نية المجلس توجيه أي عقوبة بحق «المستقبل»، مضيفاً إنّ تقويم البرامج، ومن ضمنها DNA، جرى من خلال جهة محايدة بغية تصويب الأداء. وترك الحكم للرأي العام، طالباً أن يرسل للمجلس شكاواه بشأن البرامج المحرّضة التي تعرضها الشاشات اللبنانية.
من خلال تفنيده لما ورد في التقرير الأخير، رأى محفوظ أن القطاع الإعلام المرئي يعاني سكرة الموت من خلال تراجعه أمام الإعلام الخليجي، الذي يسطو على السوق الإعلامية بكل مفاصلها. وكشف عن اللقاء الذي سيجمعه بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أجل تأمين قروض ميسّرة لدعم المؤسسات الإعلامية بغية تحريك عجلة الإنتاج، وبالتالي خروجها «من سطوة المال السياسي»، إضافة إلى إجراءات أخرى تعمد اليها الشاشات لكسب الأموال واستقطاب الجمهور كإثارة الغرائز واعتماد لغة التحريض.
مهما كانت حدة الكباش الذي بدأه قطيش مع المجلس، فلا نعجب أن يقوم صاحب «يا شباب ويا صبايا يللا يللا على السرايا»، الذي كاد يشعل فتنة بين أبناء وطنه، بمواصلتها في برنامجه الذي يلعب على الوتر عينه، لكن بطريقة مغلفة مع ابتسامة ساخرة.