علي شهاب *
يقف الكونغرس الأميركي حائراً أمام «التصادم» بين أجندتي الرئيس الأميركي جورج بوش لنشر الديموقراطية ومكافحة الإرهاب في لبنان، بعدما اضطرت واشنطن إلى دعم إسرائيل خلال حربها على حزب الله على حساب حكومة فؤاد السنيورة. وذلك على رغم «القلق» الأميركي على مستقبل الحكومة اللبنانية، نتيجة صعود حزب الله وحلفائه و«مرتبة البطل الشعبي» التي اكتسبها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بصفته «قيصر» إعادة الإعمار، و«قائداً عسكرياً لمنظمة شجاعة».
«تشمل العلاقات الجيدة بين الولايات المتحدة ولبنان مواضيع عدّة، منها التقدّم في اتجاه اتفاقية سلام لبنانية إسرائيلية، المساعدات الأميركية إلى لبنان، وقدرة لبنان على منع هجمات حزب الله على إسرائيل». بهذه العبارة، يستهلّ مكتب الأبحاث في الكونغرس الأميركي تقريره الصادر في 11 تموز الماضي حول الأوضاع في لبنان. ولئن كان هذا التقرير يندرج في سياق التقارير الدورية التي يرفعها مكتب الأبحاث الى لجان الكونغرس سنوياً حول جميع دول العالم، فإن ما يميز التقرير حول لبنان هو تطرقه الى الواقع السياسي بعد سنة من حرب تموز، وإيلاؤه الكثير من الاهتمام لحكومة فؤاد السنيورة باعتبارها إحدى نتائج «الديموقراطية» الأميركية. ويخلص التقرير الى أن حرب تموز «عزّزت من موقع حزب الله على حساب الحكومة اللبنانية. واكتسب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله صورة بطولية بسبب القوة العسكرية لمنظمته في مواجهة اسرائيل وقدرته على المبادرة في إطلاق مشاريع الإغاثة والإعمار بكفاءة وسرعة أعلى من المنظمات الحكومية».
وعلى الرغم من الأدوار التي يؤديها السيد نصر الله «قائداً عسكرياً وقيصر إعمار ولاعباً سياسياً، فهو يعارض التصعيد والرجوع الى الحرب الأهلية».
وفي سياق متصل، يدرس معهد «كاتو» الأميركي عملية إعادة الإعمار في لبنان بعد حرب تموز. فيرى وجوب أن يساعد الغرب الحكومة اللبنانية، التي لم تعر تاريخياً أي اهتمام للشيعة، على تولّي الدور الرئيسي في إعادة إعمار البلاد»، ذلك أن منع السيد نصر الله من قيادة عملية الإعمار «سيعزّز موقف رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ويؤدّي إلى تحجيم الرسوخ السياسي الإيراني في لبنان»، بحسب الدراسة الصادرة في أواخر شهر آب 2006 تحت عنوان «ماذا تعلّم حزب الله من كاترينا؟»، في إشارة الى الإعصار المدمر الذي ضرب «لويزيانا» الأميركية عام 2005.
أما بالنسبة إلى دلالات الحرب في نظر الكونغرس الأميركي، فيختصرها تعليق الكاتب السياسي في مجلة «نيوزويك» مايكل هيرش الذي يرى أن «أجندة الرئيس جورج بوش حول مكافحة الإرهاب معرضة لخطر التصادم مع أجندته لنشر الديموقراطية في لبنان» بسبب دعم واشنطن لإسرائيل في حربها ضد حزب الله، الأمر الذي «شكل نكسة لجهود الإدارة الأميركية نفسها في إعادة بناء المؤسسات الديموقراطية في لبنان».
وبحسب تقرير مركز الأبحاث في الكونغرس، «تطرح المقارنة الحتمية بين تأثير حزب الله وقصور الحكومة اللبنانية أسئلة حول مستقبل حكومة السنيورة». ولعلّ أبرز صورها، بحسب مركز البحوث في الكونغرس، هي الميليشيات الفلسطينية المسلحة «التي تعتنق فكر أسامة بن لادن». وفي هذا السياق، يورد التقرير تحذيراً كان أطلقه مدير الاستخبارات القومية الأميركية السابق جون نيغروبونتي، في 22 أيلول 2006، من أن تنظيم القاعدة «قد يسعى الى توسيع امتداده، وتحديداً في لبنان وسوريا، على الرغم من الاختلافات العقائدية بين القاعدة السنية وحزب الله الشيعي».
وفي ما يخص دور الكونغرس، يحذر التقرير من أن «تزايد تأثير حزب الله وحلفائه في لبنان قد ينعكس سلباً على مواقف الكونغرس إزاء البلد، وخاصة إذا ما هددت سلطة لبنانية جديدة أو معدلة اسرائيل»، في موقف يفسر سبب الرضى الأميركي عن حكومة السنيورة ورفض واشنطن تغيير الواقع الحالي. وفي هذا الإطار، يخصص التقرير فقرات خاصة بالدعم الأميركي للبنان، واضعاً المساعدات العسكرية للجيش في سياق «نشر السيادة اللبنانية في جنوب لبنان والمخيمات الفلسطينية لمنع انطلاق هجمات ضد اسرائيل»، مع الإشارة الى أن جدول المساعدات الاقتصادية والعسكرية في التقرير يرسم صورة واضحة للسياسة الأميركية في لبنان. فعلى سبيل المثال، تُظهر الأرقام أن حجم القروض العسكرية الطارئة للعام الحالي تساوي نسبتها جميع المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني منذ عام 1946.
من جهة ثانية، يعالج التقرير المؤلف من 31 صفحة الديموغرافيا اللبنانية بتقديمه موجزاً عن حجم الطوائف بناء على تقديرات «سي آي إي» عام 2005،
* صحافي لبناني