الاستحقاقات
  • بلال تقي الدين

    لقد جاءت ساعة الحساب... فمن سيحاسب من، ومن هو على حقّ، ومن الذي على باطل؟!
    السيناريو يتبدّل... والذين قاموا بصنعه ووضعوا خطة التنفيذ، بعضهم ذهب مع الريح والباقون على كرسي هزّاز ينتظر أن تنكسر فيه الركائز كي يلحق بالذين سبقوه، بعدما تغيّرت اللعبة وأصبحت من جديد لدى الكبار بعدما «تعثّر... وتخبّط» فيها طويلاً صغار ما زالوا اليوم يهدّدون ويتوعّدون جاهلين... بأنهم صاروا حكماً ــ حتماً خارج اللعبة...
    لقد ذهب «جاك شيراك» مدللاً ــ مضللاً، ذهب بفرنسا الى حد معاداة من هم أقرب الناس إليه، لأجل اندفاع شخصي وعلاقات خاصة بعائلة الحريري، خارجة عن الديبلوماسية والعلاقات الرصينة المتينة السوية بين الدول التي امتازت بها فرنسا وصدّرتها للعالم عبر التاريخ في جميع العهود.
    وها هو الرئيس «بلير» بدوره يسلّم الحكم لغيره تاركاً وراءه سجلاً سياسياً وعلامات سوداء تثير الحسرة أمام شعبه والعالم كله والتاريخ ولا يشرّف «بريطانيا العظمى» بشيء؟
    و«جورج بوش» هو الآخر يصارع البقاء، بحد أدنى من الكرامة والفاعلية، داخل البيت الأبيض منعزلاً مع وزيرة خارجيته «كوندوليزا» ووكيل أعماله وتجارته الدموية نائبه «ديك تشيني»، والسفير الشهير «بولتون» الذي يعلّق على صدره «وسام ثوار الأرز» مستأنساً الى جانبه بـ«النجمة السداسية ــ نجمة داوود». هذا التحول أخذ معه حكومة العدو وعلى رأسها «أولمرت» وحاشيته فراح يتخبط في الحسابات والاضطرابات وكأن لا قيمة لوجودهما وحكمهما.
    كل هذا حصل ولا يزال البعض داخل الحكم وخارجه من موالاة ومحاباة و«محاكاة» ممن يلهثون خلف كرسي الرئاسة ويراهنون على السراب وعلى فجرهم السياسي وخداعهم الطويل لمن أمّنوهم على مستقبل أولادهم، فأتوا برئيس للحكومة له تاريخ أسود محكوم عليه بالسجن فخرقوا الدستور به. وهم يحتمون به ويشجعونه باستمرار على هذا الخرق الذي يطعن اتفاق الطائف في الصميم.
    لقد هوت حكومة السنيورة وسقطت بسقوط «أسيادها» منذ حرب آب يوم كانوا شركاء في «السيناريو المأساة ــ المهزلة» لإقامة شرق أوسط جديد فوفّروا الغطاء للعدوان على الشعب ومقاومته وراهنوا على القضاء على «حزب الله» بواسطة «جيش العدو» وسحب السلاح منه وإخراجه من لبنان سياسياً وعسكرياً... وبشرياً. وما كان فؤاد السنيورة جلس على الكرسي الثالث لولا هذه المؤامرة الخبيثة.
    ولنتذكر ما الذي فعلته هذه الحكومة منذ قدمت بيانها السياسي في المجلس النيابي... وما الذي حققته مما وعدت به. لقد ألغت حكومة السنيورة المؤسسات، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية. وألغت المجلس الدستوري... كي لا يكون هناك حساب ولا عتاب. وهي اليوم تتجه لإلغاء المجلس النيابي، والرمي بالوطن في أحضان الأمم المتحدة وتدويله والاعتراف بالعدو الاسرائيلي وتوطين الإخوة الفلسطينيين وجعل البلد قواعد عسكرية للحلف الأطلسي لتنفيذ مخطط أميركا في الشرق الأوسط الجديد. لذا يتحرش السنيورة ومن معه بسوريا عمداً لتقفل حدودها معنا فيتسنى لحكومته فتح الطريق بيننا وبين العدو الاسرائيلي. والادعاءات الكاذبة من تهريب سلاح واغتيالات على أنواعها صادرة عن حكومة السنيورة، فيما القائمون على الجيش نفوا جميعهم هذه الادعاءات بمن فيهم وزير الدفاع نفسه... الذي يبدو أنه الوحيد الواقف في وجه انهيار آخر مدماك في هذه الجمهورية.
    هذه الاغتيالات التي إلى الآن لم تكشف الحكومة الحالية (غير الشرعية) عن أي واحد منها، وقد حصل البعض منها في وضح النهار... ووزارة الداخلية نائمة من دون أن يظهر بريق أو خيط حول كل هذه الاغتيالات. وبعض الوزراء «بشّروا» بحدوثها من دون أن يكلف نفسه التحقيق والتدقيق في هذه المعلومات.
    الجميع يتكلمون، منذ أشهر، على استحقاق رئاسة الجمهورية. السؤال الذي يوجه إلى المجلس النيابي هو «أي حكومة شرعية معترف بها من قبل الشعب ستمثل أمامه؟ ومن الذي ينفذ القرارات الصادرة عنها؟». في جميع الديموقراطيات في العالم، عندما لا يعترف الشعب بغالبيته وبما يمثله من فاعليات سياسية، بحكومة ما، يحين عندها يوم الاستفتاء والحساب الجديد لهذه الحكومة في صناديق الاقتراع في انتخابات نيابية... فيخضع الجميع لقرار الشعب... بمشيئة الله.