ساد شبه إجماع على توصيف القمة العربية في جدة، عندما تسالم المتابعون على تشبيهها بطقوس جنّاز لمواراة عقد ونيف من «الربيع العربي»، بفصوله المتقلّبة ونزاعاته المركّبة. وعليه، من ثم، فاتحة ممكنة لانتظام جديد في الوطن العربي ومع جيرانه المؤثّرين في إيران وتركيا. والقراءة هذه مقوّمة بحشد من الحجج؛ أولاها البيئة الإقليمية المنقلبة بفضل من المصالحات السعودية. وفي البيئة الدولية، رسّخت حرب أوكرانيا استراتيجية الولايات المتحدة التخفّف من تركيز مواردها على المنطقة، وجلّت التصدّعات في آليات الهيمنة والاستتباع. برزت هوامش لدى الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، بالتمايز عن أولويات الأجندة الأميركية وتنويع الشراكات كتحوّط استراتيجي. المعطيات الأساسية هذه تحمل على القول إن التأثيرات التي تحدث في المنطقة تقف على أرضية صلبة، بما يسمح بقراءة تفترض أن الإقليم يدخل طور تشكيل نظام جديد يتقوّم بفرصة/هدف «الاستقرار» وتعاون الحكومات - عنوانا حدث القمة ووصفتا المجتمعين البديلة مما حملته موجة «الربيع». تفتح القراءة هذه على أسئلة بأكثر من اتجاه، وتثير نقاشات (يطرق الكتاب المساهمون في هذا الملف بعضاً منها) في غير وجهة، من المساجلين في ما إن كان ما يجري هو مصالحة راسخة تقود إلى استقرار وقيامة نظام إقليمي جديد أم تهدئة مرحلية هشّة